التدريب الحرفى للشباب ودوره فى خلق فرص للمشروعات الحرفية الصغيرة. دراسة انثروبولوجية بمرکز الحرف التقليدية بالفسطاط

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ علم الاجتماع المساعد کلية التربية جامعة عين شمس

المستخلص

تعد الصناعة التقليدية والحرفية جزءا لا يتجزأ من الثفافة المادية للتراث الشعبى المصرى، إذ تتميز الصناعات التقليدية على وجه الخصوص بقدرتها على اتاحة العديد من فرص العمل الممکنة من خلال اعتمادها على الموارد المحلية ، وايضا کونها منبعا لتنمية الإبداعات والابتکارات، مما يتحقق معه التوازن الاقتصادى من خلال رفع معدلات الاستثمار ومستوى الادخار.
 
ومن هنا ينبثق تساؤل رئيسى للبحث يتمثل فى معرفة  دور المرکز الفعلى، في تأهيل الشباب علي هذه الحرف وعلى الدخول لسوق العمل وانشاء مشروعات صغيرة تتعلق بهذا القطاع الحرفى، ومن ثم سيتيح لنا هذا الرصد محاولة التنبؤ بمستقبل الحرف التقليدية بمصر في ظل التغيرات التي تطرأ عليها.
وينبثق من هذا التساؤل فروض أساسية سوف تحاول الدراسة الميدانية الکشف عنها:-
- ثمة علاقة ايجابية بين امتلاک المهارة اليدوية والالتحاق ببرامج التدريب الحرفي بالمرکز .
- ثمة علاقة ايجابية بين اقبال المتدربين على برامج التدريب الحرفي ورغبتهم في انشاء مشروعات صغيرة خاصة بهم.
اعتمدت الدراسة فى تحليلها الکيفى على المنهج الانثروبولوجى بأدواته المختلفة،وفى منهجها الکمى على أداة الاستبيان. وقد دلت الدراسة الميدانية أن ثمة مشکلات متعددة تواجه مرکز الحرف التقليدية بالفسطاط ، کما أن هناک عدة مشکلات قد تقف حائلا دون استفادة الشباب من التدريب فى صنع مشروعات صغيرة خاصة بهم.

الكلمات الرئيسية


التدریب الحرفى للشباب ودوره فى خلق فرص للمشروعات الحرفیة الصغیرة. دراسة انثروبولوجیة بمرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط

أ.م.د/سماح احمد فرید

أستاذ علم الاجتماع المساعد

کلیة التربیة جامعة عین شمس

ملخص الدراسة باللغة العربیة

تعد الصناعة التقلیدیة والحرفیة جزءا لا یتجزأ من الثفافة المادیة للتراث الشعبى المصرى، إذ تتمیز الصناعات التقلیدیة على وجه الخصوص بقدرتها على اتاحة العدید من فرص العمل الممکنة من خلال اعتمادها على الموارد المحلیة ، وایضا کونها منبعا لتنمیة الإبداعات والابتکارات، مما یتحقق معه التوازن الاقتصادى من خلال رفع معدلات الاستثمار ومستوى الادخار.

 

ومن هنا ینبثق تساؤل رئیسى للبحث یتمثل فى معرفة  دور المرکز الفعلى، فی تأهیل الشباب علی هذه الحرف وعلى الدخول لسوق العمل وانشاء مشروعات صغیرة تتعلق بهذا القطاع الحرفى، ومن ثم سیتیح لنا هذا الرصد محاولة التنبؤ بمستقبل الحرف التقلیدیة بمصر فی ظل التغیرات التی تطرأ علیها.

وینبثق من هذا التساؤل فروض أساسیة سوف تحاول الدراسة المیدانیة الکشف عنها:-

- ثمة علاقة ایجابیة بین امتلاک المهارة الیدویة والالتحاق ببرامج التدریب الحرفی بالمرکز .

- ثمة علاقة ایجابیة بین اقبال المتدربین على برامج التدریب الحرفی ورغبتهم فی انشاء مشروعات صغیرة خاصة بهم.

اعتمدت الدراسة فى تحلیلها الکیفى على المنهج الانثروبولوجى بأدواته المختلفة،وفى منهجها الکمى على أداة الاستبیان. وقد دلت الدراسة المیدانیة أن ثمة مشکلات متعددة تواجه مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط ، کما أن هناک عدة مشکلات قد تقف حائلا دون استفادة الشباب من التدریب فى صنع مشروعات صغیرة خاصة بهم.

المفاهیم الدالة : التدریب الحرفى – المشروعات الصغیرة – مرکز الفسطاط

            

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


Craft Training for Adults and its Role in Creating Small Craft Business Chances: Anthropological Study of Traditional Crafts Center at Al-Foustat

Samah Ahmed Faried Mostafa

Associate Professor of Sociology

Faculty of Education- Ain Shams University

The traditional crafts is consider essential part of the material culture of Egyptian heritage and Folklore, It has a lot of functions for instance the ability of saving a lot of work chances through using the local resources. Moreover the traditional crafts is considered a base for the creativity which is very important for raising the rate of both the investment and saving processes. From that point this study trying to predict the future of traditional crafts according to the structural changes of the society.

 

According to the study problem, the empirical study trying to investigate the following :

1-There is a relationship between the handmade talent and enrolling into the association.

2-There is a positive relationship between the desire of enrolling the traditional training and the ability to establish small projects.

The study depends on qualitative analysis through using the Anthropological method with all its tools and quantitive analysis  through using the questioner.

The study revealed some barriers which may prevent the youth to continue their future in the traditional crafts field, Also there is social and cultural reasons may prevent them from useing what they learned  at the association to build a new small projects .

 


التدریب الحرفى للشباب ودوره فى خلق فرص للمشروعات الحرفیة الصغیرة. دراسة انثروبولوجیة بمرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط

أ.م.د/سماح احمد فرید

أستاذ علم الاجتماع المساعد

کلیة التربیة جامعة عین شمس

مقدمة عن موضوع الدراسة :

أکد بوردیو على ضرورة اعادة انتاج النسق الثقافى لذاته واعادة انتاج کامل ادواره باعتبارها ضرورة للحفاظ على ثقافة المجتمع ، کما یذکر ابن خلدون أن الامصار اذا قاربت الخراب انتقصت منها الصنائع، ولا یعنى الخراب هنا الخراب المادى وانما یعنى مفهومنا عن الصناعة وعلاقتنا بها وتقییمنا لها ( حبیب بیدة:2006: 6). وتعد الصناعة التقلیدیة والحرفیة جزءا لا یتجزأ من الثفافة المادیة للتراث الشعبى المصرى، إذ تتمیز الصناعات التقلیدیة على وجه الخصوص بقدرتها على اتاحة العدید من فرص العمل الممکنة من خلال اعتمادها على الموارد المحلیة ، وایضا کونها منبعا لتنمیة الإبداعات والابتکارات، مما یتحقق معه التوازن الاقتصادى من خلال رفع معدلات الاستثمار ومستوى الادخار، ومن ثم  صار من الضرورى مناقشة ألیات اعادة الانتاج للتراث المادى بأشکاله المختلفة فى العصر المعاصر.

وتشکل الصناعات والحرف التقلیدیة فی مختلف دول العالم ولدى مختلف الشعوب أهمیة اقتصادیة واجتماعیة کبیرة، وتولی حکومات العدید من الدول الغنیة والفقیرة معا هذه الصناعات اهتماما کبیرا على الرغم من أننا قد نجد بعضا من هذه الدول دولا صناعیة کبرى لدیها صناعات حدیثة عملاقة وفائض اقتصادى ضخم، إلا انها قد تجد فی تدعیم الصناعات التقلیدیة مردودا ثقافیا واجتماعیا کبیرا. وتأتی أهمیة هذه الصناعات التقلیدیة من کونها تسهم فی نمو الناتج المحلی الاجمالی، وتخلق فرص عمل لشریحة کبیرة من مواطنی تلک الدول ومصدرا هاما للدخل القومی والفردی، کما انها تجد اقبالا کبیرا من مختلف شرائح المجتمع خاصة وان هناک أسرا تعیش على تلک الصناعات والمهن والحرف التقلیدیة لا سیما فی دول جنوب شرق آسیا .

 

وقد اهتمت الدولة المصریة آبان فترة الستینیات بالصناعات التقلیدیة، فأنشأت ستة مراکز بالقاهرة لإحیاء الحرف التراثیة والتدریب علیها، وکان مرکزها الأساسی هو مبنى وکالة الغوری بحی الأزهر، ونجحت فی  صحوة ملموسة فی میادینها المختلفة،  ثم استأنفت وزارة الثقافة خلال التسعینیات من القرن الماضی هذه الصحوة، فأقامت مبنیین جدیدین أحدهما للخزف أواخر التسعینیات والآخر للحرف التقلیدیة "2005" بمنطقة الفسطاط التاریخیة "جنوب القاهرة"، وکان ذلک فی الحقیقة مجرد دلیل رمزی على تواجد واستمرار هذه الحرف، فضلا عن کونه فرصة للشباب من الجنسین للتدریب مجانا على إحدى الحرف الیدویة التراثیة مثل الخزف، والنقش على النحاس، والحلی، وصناعة الخیامیة، والتطعیم بالصدف، والزجاج المعشق بالجص. کما شارکت وزارة السیاحة ومحافظة القاهرة بتنفیذ مشروع سوق الفسطاط لحرف التراث المصرى الیدویة بمنطقة مصر القدیمة، حیث تشکل الهدف الرئیسى من انشاء المرکز  فى مساعدة أصحاب الموهبة الیدویة على تعلم وإتقان الفنون الیدویة بطریقة علمیة وحرفیة من خلال دورات تدریبیة وتأهیلیة یقدمها کوادر بشریة متخصصة فى مجال التصنیع الیدوى بأشکاله وانماطه المختلفة .

وتمثل المشروعات الحرفیة الصغیرة والمتوسطة إحدى القطاعات الاقتصادیة التی تستحوذ على اهتمام کبیر من قبل دول العالم کافة والمنظمات والهیئات الدولیة والإقلیمیة فی ظل التغیرات والتحولات الاقتصادیة العالمیة، وذلک بسبب دورها المحوری فی الإنتاج والتشغیل والابتکار والتقدم التکنولوجی علاوة على دورها فی تخفیض معدلات البطالة فی الدول النامیة والدول المتقدمة صناعیا، وتکتسی المشروعات الحرفیة الصغیرة أهمیتها فی المجتمع المصرى من مجموعة اعتبارات منها أن تلک المشروعات  تتمیز بالانتشار الجغرافی مما یساعد على تقلیل التفاوتات الإقلیمیة، وتحقیق التنمیة المکانیة المتوازنة، وخدمة الأسواق المحدودة التی لا تغرى المنشآت الکبیرة بالتوطّن بالقرب منها أو بالتعامل معها، أیضا توفر هذه المشروعات سلعاً وخدمات لفئات المجتمع ذات الدخل المحدود والتی تسعى للحصول علیها بأسعار رخیصة نسبیاً تتفق مع قدراتها ، والاهم أن تلک المشروعات التراثیة (حرفیة / یدویة) تمثل اهمیة قصوی للاقتصاد المصری، وتنمیة هذه المشروعات الحرفیة التقلیدیة الصغیرة یفتح الابواب لتشغیل الشباب خاصة المرأة، وایضا یفتح ابوابا للتصدیر بکمیات کبیرة تدر دخلا للاقتصاد القومی‏، ولذا یجب الحفاظ علی هذه الصناعات التقلیدیة من الاندثار‏.‏

اشکالیة الدراسة

عرفت مصر الصناعات الحرفیة منذ قدیم الازل، وکتاب «وصف مصر» یؤکد لنا أن منتجات الحرفیین شکلت العمود الفقرى فى حیاة المجتمع، کما دلت الآثار على الثراء الفنى والإبداعى المتنوع للصانع المصری، فکان علیة القوم من القادة والکهنة وحتى المزارعین یلبسون الملابس المصنوعة من الکتان، ویجلسون على کراسى وینامون على أسرة من أجمل نماذج الأثاث، ولعل أکبر موجة تجریف للحرف والصناعات المصریة حدثت على ید سلیم الأول، حیث اقتاد کبار الصناع والحرفیین المهرة إلى بلاده، فاختفت لفترة نحو خمسین صنعة، لعل من أهمها وأشهرها صناعة الکتان والمنسوجات القطنیة والصوفیة، علاوة على فنون الزخارف والخطوط والخراطة ونسج السجاد والخزف، وفنون سعف النخیل والألیاف، وکانت فى معظمها ذات فوائد ونفع للناس فى حیاتهم الیومیة. وخلال العصر المملوکی، وانتشار الطرق الصوفیة، استلهم الکثیر من المصریین حرفا من أشهرها «الترخیم» أى صناعة الرخام التى أظهرت جمال وروعة الآثار المملوکیة، کما ازدهرت حرفة المعمار ،ومع التطور، ظهر «الربع» أى الحى الذى یحتوى على مهنة أو مهن معینة، وعرفت مفاهیم الوکالة والخان والسوق وغیره( موسوعة الحرف التقلیدیة: 2004).

وکانت هذه الربوع أو الوکالات تلعب أدوارا هامة فى الحیاة الاقتصادیة والاجتماعیة فى مصر، وأیضا تلعب ادوارا هامة فى شأن التدریب الحرفى للاجیال اللاحقة من الحرفیین ، فقد کان هناک دائما شیخ للحرفة أو المهنة  ینظم شئونها ویحل خلافات العاملین فیها، ویرقى الافراد وفقا لمهاراتهم الحرفیة، وکانت کلمته قانونا على الجمیع. (عبد السلام عبد الحلیم عامر:1993:9-19) أما فى العصر الحالى فقد انتشرت المعارض بشکل کبیر داخل الدولة المصریة وأیضا فى البلدان العربیة، والتى تنظر الیها الباحثة بکونها التطورالحدیث والملائم  لفکرة الوکالات التجاریة والحرفیة قدیما نظرا للتشابه فى أهدافها ووظائفها، والتى تقام بشکل منتظم لعرض منتجات رواد الأعمال من الحرف والصناعات التقلیدیة من مختلف بلدان العالم، وإذا کانت العوائد الاقتصادیة هى أول ما یلفت النظر فى الاهتمام بالمعارض الدولیة التى تعرض فیها نتاج المشروعات الصغیرة لصغار الحرفیین، فإن هناک إجماعا على أن مثل تلک المشروعات - خاصة أن معظمها یرتبط مباشرة بحرف ومهن ومنتجات تقلیدیة - تحقق أیضا أهدافا ربما أکثر أهمیة وعمقا من الفوائد الاقتصادیة، فهذه الحرف والمهن والصناعات تعکس هویة دولة وتراثا شعبیا یمثل کنزا دائما ومتجددا للشعوب، کما أنها تعتبر بمثابة شکل من أشکال الذاکرة الجماعیة للأمة، ومدخل من مداخل الخبرة التطبیقیة للمعرفة الانسانیة التى تتمیز بها الثقافة المصریة، من حیث اضفاء الخبرة الفنیة والابداعیة على المواد الخام فتتحول المادة الى عمل فنى بحت تعبر عن المزاج الفنى للمجتمع بأکمله ( صفوت کمال: 2006: 163).

 

وفی ظل اهتمام الدولة المصریة بالحرف التراثیة، کانت محافظه القاهرة قد اعلنت مؤخرا عن توفیر عدد من المنح المجانیة للتدریب علی الحرف التراثیة للشباب، حیث یتم التدریب داخل ورش متخصصة بالحرف والصناعات التراثیة بمنطقة مصر القدیمة وخان الخلیلی، وتشمل هذه المنح التدریب علی حرف تصنیع الفخار والحراریات، والتدریب علی الاوستر والتطعیم بالصدف والتلمیع وطرق ونقش النحاس وطلاء وتلوین وتلمیع النحاس والمصنوعات الخزفیة والعادیة وأعمال الخیامیة وخرط وتطعیم السبح.

ویعد مرکز الحرف بالفسطاط إحدى المشروعات الکبرى التى أنشأتها وزارة الثقافة، والتى تهدف إلى إحیاء أمجاد ماض عریق وحاضر مشرق، وذلک بإتاحة الفرصة الکاملة أمام الفنانین والحرفیین لممارسة إبداعاتهم، وتأکید القیمة الفنیة فى هذا المضمار، لذا تنظر الدراسة الحالیة الى هذا المرکز باعتباره مصدر إشعاع فى منطقة الفسطاط التى تعد من أهم المناطق التراثیة بمدینة القاهرة القدیمة، وبناء علیه ستحاول الدراسة رصد واقع التدریب الحرفى، واستثمار الطاقات المبدعة داخل هذا المرکز لمعرفة ما إذا کان قطاع الصناعة التقلیدیة یستجیب للأهداف الوطنیة المتعلقة بإحداث نوع من التوازن ما بین تدریب الشباب واحتیاجات سوق العمل، وتوزیع الدخل من خلال تهیئة وإنشاء مناطق مصغرة للصناعات التقلیدیة  تعمل على الاستغلال الأمثل للموارد البشریة، وتساهم فی تغطیة الحاجات الأساسیة للمستهلکین. وتترکز الأهمیة الإقتصادیة للحرف التقلیدیة فی إمکانیة خلق فرص عمل أکبر عن طریق تخصیص موارد أقل مقارنة بمتطلبات الصناعات الأخرى، وقابلیتها للاستیعاب وتشغیل أعدادا کبیرة من القوى العاملة بمؤهلات تعلیمیة منخفضة خاصة وأنها تتسم بمرونة الانتشار فى أماکن متفرقة حضریة أو ریفیة مما یسهم فى خلق مجتمعات إنتاجیة فی المناطق النائیة.

وفى ظل تلک العلاقة بین التدریب على الصناعات الحرفیة والتنمیة بشکل عام یحدثنا رشدى صالح بلغة عصریة حدیثة تقول أن أن العلاقة بین الفولکلور والتنمیة صارت مسألة ضروریة خاصة للمشتغلین بقضایا التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة ، والتى اطلق علیها محمد الجوهرى فیما بعد علم الفولکلور التطبیقى ( محمد الجوهرى: 2012: 36)

ونظراً إلى الطبیعة المرنة لهذه المشروعات الحرفیة الصغیرة الأکثر استعداداً للتواؤم والتوافق مع المتغیرات الحدیثة والتی تتطلب سرعة الاستجابة لمتغیرات السوق وحرکة العرض والطلب، فقد باتت فرصة المشروعات الحرفیة الصغیرة فی البقاء والنمو أکبر بکثیر من فرص الشرکات الکبیرة والمؤسسات ذات الهیاکل الضخمة قلیلة المرونة أمام متغیرات السوق، ولعل هذا ما یدعو الدراسة الحالیة الى الکشف عن مفهوم المهارات الاجتماعیة کما طرحها بعض علماء الانثروبولوجیا النقدیة ودور الفاعلین فى مجاراة تلک التغیرات والتحرک بفاعلیة وابداع کما طرحتها نظریة التفاعلیة الرمزیة . ومن هنا ینبثق تساؤل رئیسى للبحث یتمثل فى معرفة  دور المرکز الفعلى فی تأهیل الشباب علی هذه الحرف وعلى الدخول لسوق العمل وانشاء مشروعات صغیرة تتعلق بهذا القطاع الحرفى، ومن ثم سیتیح لنا هذا الرصد أوجه المهارات الاجتماعیة للمتدربین کمحاولة للتنبؤ بمستقبل الحرف التقلیدیة بمصر فی ظل التغیرات التی تطرأ علیها.

علاوة على ذلک فهناک علاقة مباشرة بین انشاء المتدربین لبعض المشروعات الحرفیة الصغیرة ومفهوم التماسک الاجتماعى ، حیث یشکل الحرفیون أحد مکونات الطبقة المتوسطة مع المهنیین والموظفین وغیرهم، وهى الطبقة التى تحفظ توازن المجتمع وتقوده دائما نحو التطور خاصة أن هؤلاء یشلکون رقما مهما فى الاقتصاد الجزئی، کما أنها تفرز دائما أفکارا مبدعة فى الإدارة والانتاج والتشغیل. ونظراً لأن الصناعات الحرفیة تعتبر ضمن إطار الصناعات الصغیرة فهی تساعد على الحد من البطالة والاستفادة من کافة الموارد البشریة سواء الذکور أو الإناث اللاتی یستطعن أداء بعض الأعمال فی بیوتهن أو محیطهن کذلک یمکن لکبار السن والمعوقین وغیرهم المشارکة فی العملیة الإنتاجیة فی سکناهم مما یعطی مصدراً هاما للدخل .

وینبثق من هذا التساؤل فروض أساسیة سوف تحاول الدراسة المیدانیة الکشف عن العلاقة بین متغیریها المستقل والتابع :-

الفرض الاول: ثمة علاقة ایجابیة بین امتلاک المهارة الیدویة والالتحاق ببرامج التدریب الحرفی بالمرکز .

الفرض الثانى: ثمة علاقة ایجابیة بین امتلاک المهارات الاجتماعیة والتسویقیة والقدرة على انشاء مشروعات حرفیة صغیرة .

 

أهمیة الدراسة

تتمثل الاهمیة النظریة لهذا البحث فى أنه یتناول موضوعا من الموضوعات المهمة فى مجال الانثروبولوجیا الاجتماعیة، وهو دراسة قطاع الحرف والصناعات الیدویة والتقلیدیة بهدف اثراء المعرفة العلمیة فی مجال الفنون والحرف التراثیة، ووسائل تنمیتها علی أسس نظریة ومیدانیة. أما الاهمیة التطبیقیة للبحث فتتمثل فى کون الحرف التقلیدیة تشکل مصدراً من مصادر الدخل القومی والقضاء على البطالة لا سیما بین قطاعات الشباب ، کما أنها تعمل على تنمیة البنیة التحتیة للمجتمع المحلى، حیث یساهم الحرفى فى تنمیة بیئته المحلیة والإرتفاع بمستوى أسرته. کما تتجه الدراسة نحو التأکید علی دور الدولة فی احتواء هذه الحرف وتدریب الشباب علیها بهدف الحد من المشکلات التى تقف عائقا امام طموح الشباب نحو الاتجاه للمشروعات الصغیرة .

 

أهداف الدراسة

-التعرف علی أنواع الفنون والحرف الیدویة الموجودة بمرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط

-رصد الخصائص الفیزیقیة للمرکز، ومدى ملاءمته لتدریب الشباب على إنتاج حرف متمیزة

-تحدید الخصائص الاجتماعیة للعاملین والمتدربین بالمرکز

-الکشف عن دوافع اتجاه الشباب للالتحاق بالمرکز والتدریب على مهارات الحرف التقلیدیة النظریة والمیدانیة

-التعرف على أقسام التدریب وأشکاله المختلفة.

-رصد الآدوات والمواد الخام المستخدمة فى عملیة التدریب، وأهم المشکلات التى تواجه المتدربین فى استخدامها

--الکشف عن دور برامج التدریب فی تنمیة إبداعات الشباب فی مجال الفنون الیدویة والتراثیة أثناء التدریب

-تحدید مدی مساهمة المرکز فی تدریب الشباب على الحرف الیدویة

-الکشف عن دور المرکز فی توفیر فرص عمل للشباب المتدربین

-تحدید الدور الذى یقوم به المرکز فی تدریب الشباب وتمکینهم اجتماعیا واقتصادیا وثقافیا

- التعرف علی المعوقات التی تواجه المتدربین اثناء وبعد التدریب

-تحلیل دور الدولة والمؤسسات الثقافیة لدعم الشباب المتدربین فی المرکز.

الکشف عن مدى مساهمة الدولة فی عملیة تمویل المرکز

- تقدیم الحلول والتوصیات فی تفعیل دور المرکز فی جذب الشباب خریجی الجامعات لتعلم الحرف التراثیة.

 

مفاهیم الدراسة : أنطلقت الدراسة من مفهومین محوریین هما مفهوم التدریب الحرفى باعتباره یمثل متغیرا مستقلا ومفهوم المشروعات الحرفیة الصغیرة باعتباره یمثل متغیرا تابعا .

1-  مفهوم التدریب الحرفى

اشار (Nichter and Goldmark 2009)جولد مارک الى أن التدریب الحرفى على المشروعات الصغیرة لا یمکن أن یکون تدریبا مکتملا الا بتدریب الافراد أنفسهم على رأسملة الفرص المتاحة امامهم، فالمعرفة النظریة والتطبیفیة للحرفة لا تکفى وحدها للتدریب على اقامة المشروعات الصغیرة، وانما أیضا یتضمن التدریب المعرفة التسویقیة، أى تدریب الافراد على بعض المهارات التسویقیة لاتمام المشروعات الصغیرة.

وقد عرف حامد وآخرون " 2009" الحرف بشکل عام علی أنها تلک الصناعات التى تعتمد علی مهارات یدویة خاصة بالعمال، أو التى تستخدم ادوات بسیطة فقط، وتعتمد علی العمل الیدوى، وهی حرف شعبیة متوارثة بین افراد الاسره تمارس فی البیوت أو فی أى مکان اخر، وعاده ما تعتمد هذه الصناعات علی الامکانات الطبیعیة والبشریة المتاحة بغرض الحصول علی مجموعة من السلع والمنتجات لتحقیق منافع تکون اکبر قیمة من الامکانات المستخدمة لاجلها، کما أنها تلک الصناعات التى یقوم بمزاولتها الحرفی معتمدا فی عمله علی مهاراته الفردیة الذهنیة والیدویة التى اکتسبها من تطور ممارسته للعمل الحرفی، وذلک باستخدام الخامات الأولیة المتوفرة فی البیئة الطبیعیة المحلیة أو الخامات الأولیة المستوردة بحیث یتم التعامل معها فی الانتاج بصورة یدویة او باستخدام بعض العدد والادوات البسیطة . کما تعتمد تلک الحرف على عنصرى المخیلة والابداع ومهارة تحقیق هذا الابداع من خلال خامات متعددة ومتنوعة ( اعتماد علام،1991:ص 20) ، ومن ضمن تلک الحرف صناعة الفخار والمنتشرة فی أماکن کثیرة من مصر ، الخزف ، التطریز ، صناعه الخوصیات باشکالها المختلفه من منتجات سعف النخیل ، الاشغال الفنیة والسجاد والکلیم ، وصناعه الطواقی ، بالاضافه الى المشغولات الفضیة والذهبیة وهناک الکثیر من صناعات ومنتجات محلیة أخرى ، ولقد تعددت الحرف الیدویة وتنوعت میادینها ومنها : العمارة " النقش والحفر علی الاخشاب ، المشربیات ، والقاشانى ، المنسوجات ، السجاد والکلیم ، والأزیاء التقلیدیة ،....الخ " ، والحلى، والمشغولات الفضیة والذهبیة ، والاثاث المنزلى ، والمطبوعات مثل تجلید الکتب والورق الیدوى، وصناعة الجلود ، وصناعة الفیروز ، والنحاسیات ، والأرابیسک ، والسبح .

وحدیثا یعرف البنک الدولى التدریب الحرفى على اقامة المشروعات الصغیرة بأنه العملیة التى یتم بمقتضاها تحقیق أهداف موضوعیییة وتنفیذیة لها علاقة بالتنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة والتى تشمل التقدم والمبادأة والابداع والمساواة والتمکین وأیضا القضاء على البطالة، کذلک أشار الى أهمیة التدریب على المشروعات الصغیرة فى کونها تتیح اشتقاق مشروعات أخرى تکمیلیة مما یعنى زیادة عدد الخدمات التى تقدمها المشروعات وتوسیع فرص التشغیل ( The World Bank:2014:5))

ویقصد بالتدریب الحرفى اجرائیا مجموعة الدورات النظریة والمحاضرات العملیة والمیدانیة والمناقشات الجماعیة فضلاعن تدریس الأسس النظریة لتشکیل الحرف المختلفة من خلال أسس ومعاییر علمیة وأخلاقیات للحرفة یتم ممارستها من خلال مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط .

 

2- مفهوم المشروعات الحرفیة الصغیرة 

اشارت بعض الابحاث مثل دراسة روسیلا الى أن المشروعات الصغیرة بصفة عامة هى المبادرة والقدرة الفرد على تحویل الفکرة  على اتیان فعل واقعى وحقیقى وملموس، أى انها تتضمن کلا من الابداع وقدرة من مجرد فکرة الى نشاط ملموس واقعى وکأنها خطة مرسومة بعنایة من أجل تحقیق الاهداف المرجوة منها. وینسحب مفهوم المشروعات الصغیرة على کل من بدء فى العمل الخاص  أو انشأ بالفعل مشروع خاص، أو فى طور تنفیذ مشروع خاص ، بهذا المعنى فإن المشروعات الصغیرة للشباب هى مشروعات صنع قرار لانها تتضمن کلا من القدرة على الابداع فى الفکرة ذاتها وخلقها ومحاولة ایجادها فى الواقع، ثم المزج بینها وبین بعض مزایاها کمواجهة البطالة، واستبعاد التهمیش الاجتماعى،  ومن ثم الاسهام فى تحقیق التماسک الاجتماعى والتنمیة المستدامة(Soldi:2017:4) 

ومن الملاحظ أن معظم التعریفات التى جاءت قبل سنة 2000 عن أهداف المشروعات الصغیرة وفوائدها الاجتماعیة والاقتصادیة أختلفت عن التعریفات التى تطرح حدیثا، فبینما رکزت التعریفات السابقة عن أن تحقیق التقدم الاقتصادى والتشغیل وتحقیق الذات من أهم الاهداف الاقتصادیة والاجتماعیة التى یحققها التدریب على المشروعات الصغیرة ، جاءت التعریفات الحالیة لتطرح أفکارا اقتصادیة محضة عن التدریب على المشروعات الصغیرة کوسیلة لتحقیق الرفاة الاقتصادیة والثروة، فعلى سبیل المثال یطرح Klapper  (2010مفهوما جدیدا عن المشروعات الصغیرة بوصفها وسائل لابتداع انماط متجددة من الثروة والرفاهیة فى العیش، أیضا یرکز (Schoof: 2006) على المشروعات الحرفیة الصغیرة بکونها وسیلة لخلق الفرص الاقتصادیة وما تحمله من قیم متجددة داخل المجتمع ذاته، ومن هنا نجد ان بعض الدراسات اعطت اولویة للأهداف الاقتصادیة التى یحققها التدریب الحرفى للشباب حیث أن تلک الاهداف ستخلق أهدافا اخرى ثقافیة وقیم اجتماعیة تتواءم معها. 

ویقصد بالمشروعات الحرفیة الصغیرة اجرائیا هى قدرة بعض الشباب المتدربین فى مجال الحرف التقلیدیة على صنع قرار یتعلق بانشاء مشروعات حرفیة صغیرة، وابداع فکرة اقتصادیة جدیدة فى مجال الحرف الیدویة تصلح للتطبیق، أو قدرتهم على التعاون والمشارکة والفعل الجمعى فى انشاء مؤسسة حرفیة صغیرة أو متوسطة بشکل فردى أو جماعى .

 

التدریب الحرفى فى ضوء الأطر النظریة لعلم الاجتماع والآنثروبولوجیا

ینطلق الاطار النظرى للدراسة الحالیة من بعض المقولات النظریة لبعض علماء الاجتماع والانثروبولوجیا فى محاولة لفهم وتفسیر النتائج المیدانیة ووضع مقترحات تطبیقیة للتوجه العام نحو دور الصناعات الیدویة والحرفیة فى تحقیق التنمیة المستدامة من خلال خلق فرص عمل للشباب لتکوین وانشاء بعض المشروعات الصغیرة، ومن ثم فقد کان الترکیز على الدور الذى یلعبه اعادة الانتاج الثقافى فى خلق فرص موازیة للحیاة والعمل ، ففى النظریات التقلیدیة لعلم الاجتماع یمثل مفهوم اعادة الانتاج الاجتماعى أو الثقافى مفهوما مشتقا من داخل البناء الاجتماعى ذاته ولیس من خلال الافراد الفاعین وأدوارهم المستقلة والمؤثرة على النسق الاجتماعى، وقد تطورت تلک الرؤیة فى السنوات الاخیرة حیث ناقشت بعض النظریات الحدیثة الادوار الفاعلة والمستقلة للافراد من أجل بلوغ التغیر الاجتماعى واعادة الانتاج لبعض العملیات التقلیدیة .هذا الطرح النظرى أخذ اشکالا متجددة ومتغیرة وفقا لبعض مشکلات أدوار الفاعلین ومشکلات المجتمعات على اختلافها (Giddens, 1984)

فی اطار النظر الى قضیه إعادة الانتاج، وتنمیة الثقافة الشعبیة والإبداع فی الفنون الیدویة والتراثیة من خلال تدریب الشباب نظریا ومیدانیا، فقد استندت الدراسة علی أطر نظریة علی اختلاف سیاقها الایدیولوجى بهدف محاولة طرح مدخل لتنمیتها والحفاظ علیها. وانطلاقا من أن الصناعات والحرف الیدویة والتقلیدیة ذات أهمیة کبرى فى الحفاظ على هویة المجتمعات، حیث تضفی هذه الصناعات قیمة علی الثقافة الشعبیة ذاتها، وتقوم الثقافة بإضفاء معانى ورموز قومیة لعملیة الإنتاج بوصفها مصدرا للقوة وقیمة مضافة للعائد من المشروعات الاستثماریة المرتبطة بها، فقد برز مفهوم إعاده الإنتاج الثقافى بوضوح فی الأطر النظریة المختلفة لأنصار اتجاه مابعد الحداثة، حیث یشیر إلى کیفیة انتقال القیم الثقافیة والمعاییر من جیل إلى اخر، ویلقی هذا المصطلح الضوء علی الالیات التى تجرى بواساطتها الحفاظ علی استمراریة التجربة الثقافیة، وهی لاتعمل من خلال مایدرس فی مساقات التعلیم الرسمى فحسب، بل تتم اعاده الإنتاج الثقافی بصورة أکبر عمقا من خلال البرامج الأخرى التى تتبناها مؤسسات الدولة متمثلة فی جوانب السلوک التى یتعلمها الافراد بطرق غیر رسمیة اثناء عملیات التعلم فی المؤسسات الرسمیة .

ویعتبر بوردیو (1930-2002) من أهم العلماء المعاصرین الذین اشتغلوا على مفاهیم تجریبیة حیویة یأخذها من الثقافة الحیة بین الناس، ویسأل عبرها ویختبر الأذواق الاستهلاکیة والثقافیة، وأنماط الهیمنة، ومنطق العلاقات فی الحقول الاجتماعیة، کما أنه أحد العلماء البارزین الذین تحدثوا حول رأس المال الثقافی، والعنف الرمزى، والقیم أو ( الهابیتوس ) الحقل أو المجال، ففی کتابه (إعادة الإنتاج: فی سبیل نظریة عامة لنسق التعلیم) یذهب إلى ما بعد التفسیر البنیوی للنسق الاجتماعی باعتبار أن هناک عملیة إعادة إنتاج ذاتی من قبل النسق لنفسه، ففی عملیة دائریة یعید النسق بناء نفسه وینتج کامل أدواره، ویترکز هذا العمل حول (نسق التعلیم) باعتبار أن المؤسسة التعلیمیة تحتکر التلقین الشرعی، ولدیها رتابة عمل هی غایة فی التنمیط، وتنتج فیها امتیازات شفاهیة تمیز الأساتذة والمؤسسات عموماً، مثل التقلید والتکرار والرتابة وترسیخ القوالب الجاهزة . ((ثورشتاین : 1999)

 وفى کتابه فی سبیل نظریة عامه لنسق التعلیم، یقف بوردیو ضد التفسیر البنیوى للمجتمع، ویذهب الى مابعد التفسیر البنیوى للنسق الاجتماعی بإعتبار أن هناک عملیه اعادة انتاج ذاتى من قبل النسق لنفسه،  ففى عملیه دائریة یعید النسق بناء نفسه وینتج کامل ادواره، ویترکز هذا العمل حول نسق التعلیم باعتبار أن المؤسسة التعلیمیة تحتکر التلقین الشرعی، ولدیها رتابة عمل تعد غایة فی التنمیط وفیها یغلب الجهل على المعرفة الحقیقیة. وقد استخدم " بیبر بوردیو " مفهوم إعاده الانتاج الثقافی کوسیلة لربط عدد کبیر من القضایا التى تناولتها المنظورات المعاصرة خاصة فی اطار عملیات التنشئة والتعلم. ولذا یتعین علینا ان نلقی نظرة سریعة علی دور التعلیم فی المجتمعات الانسانیة کأداة لإعادة إنتاج القیم و الثقافة الاجتماعیة .

وقد أوضح بوردیو دور المنظومة التعلیمیة بشکل مفصل کمنظومة تعید إنتاج نفسها وانتاج المجتمع، وهو فى ذلک اختلف مع الرؤیة المارکسیة فی النظرة الی المجتمع و طبیعة الصراع  والتراکم، فعلى سبیل المثال وصف انطونیو جرامشی التعلیم کسبیل لهیمنة الدولة البرجوازیة، وکمصدر أساسی لتزییف الوعی الجمعی، أما بوردیو فقد وصف التعلیم وصفا دقیق بقوله ( أداة لإعادة انتاج الجماعات )، ویری بییر بوردیو ان العملیة التعلیمیة بشکل عام تشکل و تنسخ نماذج الادراک وأشکال السلوک لدی الدارسین، ویساهم بجانب التعلیم کافة مؤسسات التنشئة الاجتماعیة الاخری، وینتج ما یطلق علیة بوردیو استبطان خارجی، فهو یفترض أن الاشخاص اذا وجدوا فی أوضاع اجتماعیة مختلفة فانهم سیکتسبون نتیجة لذلک استعدادات مختلفة ذلک حسب وضعهم التاریخی وموقفهم من نسق اجتماعی معین، أی مجموعة الاستعدادات المکتسبة والإدراک والتقویم والافعال التی طبعها المحیط الاجتماعی فی لحظة محددة، وهذا ما اسماه بوردیو بالهابیتوس habitus، وطبقا لهذا التحدید فالهابیتوس هو المنتج الفعلى للممارسات، وأصل الإدراکات و عملیات التقویم و أصل القواعد المولدة للممارسات، حیث أن الهابیتوس یتوسط العلاقات الموضوعیة والسلوکیات الفردیة و تهدف تحالیل الهابیتوس لدى "بوردیو" إلى استخلاص کل النتائج من أفعال إعادة الإنتاج الثقافیة، فیتوقف بشکل خاص عند وظائف الشکل المدرسی لعملیات إعادة الإنتاج ( أحمد زاید : 83).
أیضا تکلم بوردیو عن استقلالیة النظام التعلیمی المؤسسی المطلقة إلى ذروته حین یتحول الجسم التعلیمی بصورة کاملة إلى مجموعة من الموظفین، فالمدرسة تخفی الفکرة التقلیدیة لمبدأ تکافؤ الفرص التی تهدف إلى جعلنا نتقبل أنها تعمل على توفیر المساواة فی الحظوظ للطلاب، إن نسق التعلیم وفقا لبوردیو مکان لإقرار وترسیخ الثقافة، أی مکان لفرض التعسف الثقافی، وإنتاج التدابیر الثقافیة اللامتکافئة، وبالتالی تدابیر إعادة إنتاج التنظیم الاجتماعی القائم. اذن نستخلص من رؤیة بوردیو حول التعلیم  أن المدرسة تروج الثقافة السائدة لدى الطبقة المهیمنة، والتی تختلف عن الثقافة السائدة لدى أبناء الطبقات الشعبیة، وفی هذا نوع من عدم تکافؤ فـرص التعلـم، أیضا یعد تخلف العملیة التعلیمیة ضروری لبقاء بعض المجتمعات الراسمالیة  کسبیل لإعادة انتاج القیم السائدة، وتوفیر أعدادا کبیرة من الموظفین الخاضعین،  وإعادة إنتاج اعداد کبیرة من العمال المتسربین من التعلیم، تلک الأعداد التی تشکل عموم الطبقة الکادحة. کذلک یعد نسق التعلیم من المدرسة الی الجامعة مجالا دائما للصراع الثقافی، ورغم محاولة الطبقات الحاکمة لاستخدام نسق التعلیم فی إعادة إنتاج ثقافتها لتسیطر علی المجتمع و تضمن بقائها، تبقی امکانیة تحویل نسق التعلیم الی أداة فی سبیل التحرر من ما هو سائد عن طریق عملیة نضالیة واسعة الافق. کما أکد بوردیو علی قضیة إعادة الإنتاج الثقافی وتنمیة الثقافة الشعبیة والابداع فی الفنون الیدویة والتراثیة بصفة عامة، وانطلاقا من أن الحرف التراثیة ذات أهمیة لحیاة المجتمعات، استخدم بوردیو مفهوم إعادة الإنتاج الثقافی کوسیلة لربط عددا کبیرا من القضایا من المنظورات المعاصرة فی إطار التنشئة والتعلم فی المجال الثقافی، لذا من خلال هذه النظریة سوف تستعین الدراسة الحالیة بمفهوم إعادة الإنتاج الثقافی لمعرفة أهمیة إعادة إنتاج الثقافة من خلال التدریب الحرفى کوسیلة هامة لتنشئة أجیال جدیدة من الحرفیین یأخذون على عاتقهم مهمة استمرار ودعم التراث المادى داخل المجتمع المصرى. ومن أهم أراء بوردیو  أیضا عن عملیة التعلیم والتنشئة المهنیة أنهما مسئولان عن تدویر الثقافة وتجدیدها بما یتلاءم مع هویتها الذاتیة،  فتعلم صناعة الحرف التقلیدیة ودخول الالات والتکنولوجیا لا یعنى أن تحل محل أصول الصنعة الیدویة، وانما قد تساهم فى تدویر للثقافة وتجدیدها، وهو فى ذلک یتفق مع فیبر الذى رفض نظریة البنائیة الوظیفیة تحدیدا فى عملیات التنشئة والتدریب، فهو یعتقد أن المجتمع قادرعلی تجدید نفسه بنفسه لإعادة الإنتاج الثقافی کى یتناسب مع المجتمع الحدیث( مایک فیذرستون :40-72)، ومن ثم سوف تستعین الدراسة بمفهومى التنشئة والتعلیم لبوردیو وفیبر لمعرفة أثر برامج التدریب والدورات التدریبیة داخل مرکز الفسطاط علی تنمیة ابداعات الشباب فی الفنون الیدویة والتراثیة

کما اعتمدت الدراسة الحالیة على بعض مقولات التفاعلیة الرمزیة، حیث طرح بعض العلماء مفاهیم محوریة فى الدراسة الحالیة، منها مفهوم المهارات الاجتماعیة وکیفیة تمثلها من خلال التفاعلات التى تنشأ بین البشر فى مواقف بعینها تتسم بالرمزیة الثقافیة، وهنا یتحدد مصطلح الفاعلین من خلال حصیلة التفاعلات مع بعضهم البعض، ومحاولة خلق معنى ایجابى لذواتهم ومعنى ایضا لما یرغبوا فى القیام به فى بعض المواقف( Joas, 1996). وفى هذا الصدد أشار هربرت مید الى أن بعض الافراد لدیهم قدرات ومهارات متفاوتة والبعض قد یعد أفضل فى التفاعل الاجتماعى من آخرون، ولدیهم القدرة على الفعل الجمعى من اخلال انتاج معان مشترکة لذواتهم ومن خلال الدخول فى علاقات جماعیة وإنتاج معان أخرى لذلک التفاعل. هؤلاء الافراد المتمیزون أو الموهوبون اجتماعیا یتسمون بکونهم قادرین على دمج المصالح أو الاهتمامات الذاتیة مع المصالح الجماعیة من خلال التعاون المشترک . وهذه القدرة أو الموهبة هى ما تسمى مهارة التعاون مع الاخرین . (DiMaggio, 1988)

ووفقا لبعض مقولات التفاعلیة الرمزیة ستتجه الدراسة الحالیة الى اختبار مفهوم المهارات الاجتماعیة فى الواقع المیدانى کآلیة هامة من آلیات الفعل الجمعى بین المتدربین تمهیدا لاستخدام تلک المهارة فى تکوین شراکات جمعیة تسهم فى انشاء مشروعات صغیرة أو اعمال مشترکة بغیة الاستفادة مما تعلموه أو تدربوا علیه داخل المرکز، کما ینسحب مفهوم المهارة الاجتماعیة الى کل قدرة اجتماعیة أو ثقافیة للمتدرب فى الدخول الى علاقات تفاعلیة جدیدة سواء داخل المرکز أو خارجه بهدف صقل الخبرة النظریة والعملیة وتکوین صداقات وعلاقات عمل جدیدة، ومن ثم کان من الاهمیة بمکان الاستعانة بنظریة التفاعلیة الرمزیة لاختبار ما یتمتع به المتدربین من قدرة على الجمع بین مهاراتهم الحرفیة ومهاراتهم الاجتماعیة،  وقدرتهم على التعاون المشترک لاخراج تلک الموهبة الى الوجود وتمثلها فى شکل انشطة اقتصادیة صغیرة تسهم فى رفع مستواهم المعیشى .

نحو اطار تصورى للنظریة فى الدراسة الحالیة :-

اعتمدت الدراسة على ثلاث مفاهیم أساسیة هم على التوالى مفهوم الممارسة، حیث یرکز على العلاقة بین العمال والمتدربین بالمرکز، وهى العلاقة التى تنتهى بأن إعادة الانتاج للمرکز وللحرف التقلیدیة الموجودة بداخله، وبمعنى واضح فأن بیبر بوردیو یؤکد على أن الممارسة هى الفعل الاجتماعى، ومن ثم فسوف تتوجه الدراسة الحالیة لعملیات اعادة انتاج الحرف التقلیدیة الموجودة داخل المرکز وتنمیتها کأحد الوسائل الرئیسیة لتنمیة التراث بوجه عام من خلال الأدوار التى یقوم بة العمال والمتدربین بالمشارکة فى إنتاج البناء الثقافى ولیس مجرد اداء أدوار بداخله فقط، مفهوم الهابیتوس وهو المجال العام داخل المرکز، أى مجموعة المیول والتصورات (الثقافة الحرفیة بشکل عام) التى یمتلکها العمال والمتدربین داخل المرکز، وأخیرا مفهوم المیول والتى تتضمن ثلاثة معان، المعنى الأول ویشیر الى مجموعة الحرف التقلیدیة التى تتولد فى المرکز والناتجة من عمل العمال والمتدربین، والمعنى الثانى الذى یشیر الى أسلوب العمل الذى یعتاد علیه العمال، والمعنى الثالث یشیر الى أن المیول هو اتجاة أو نزوع أو رغبة العمال داخل المرکز، مفهوم رأس المال هو کل طاقة التى یمتلکها العمال ، ویعتمدوا علیها فى التمییز والمنافسة لتحقیق النجاح داخل المرکز. وبالاستناد لهذه النظریة – مفهوم اعاده الانتاج الثقافی – فی موضوع الدراسة نجد أن کثیرا من الحرف التقلیدیة فی المجتمعات النامیة قد اصیبت بالهرم بعد التطورات التقنیة المتلاحقة، کما انها بدأت تفقد نصیبها فی السوق لصالح المنافسین الجدد الذین لا یعانون من ارتفاع تکلفة العمل الیدوى، ومن خلال عملیات التعلم التى تعد مسئولة عن تدویر الثقافة ، فالمرکز یتجه لإعاده انتاجه وتدویر ثقافته ومنتجاته من خلال عملیات التعلم المتمثلة فی القیام بعمل دورات تدریبیة ، فالحرفى الاصیل فی حرفته منذ القدم ینقل خبرات وأسرار صنعته للشباب المقدم علی الدورات التدریبیة ، فتستمر هذه العملیة فی حرکات دائریة یعید فیها المرکز بناء نفسه لنفسه بهدف احیاء الثقافة بالاضافة لتنمیة ابداعات الشباب واستغلال طاقاتهم وتمکینهم اقتصادیا وثقافیا واجتماعیا ، وأیضا لاتساع تسویق المنتجات بإقامة المشروعات الصغیرة والاشتراک فی معارض محلیة وعالمیة . وبهذا تکون الحرف والصناعات التراثیة منافسة لمتطلبات العصر الحدیث المعتمد علی التکنولوجیا والتقنیات الحدیثة .

واذا کان بوردیو قد أکد على البرامج الثقافیة کبدیل موازى لعملیات التلقین والتعلیم من اجل اعادة الانتاج الثقافى، لذا سوف تقوم الدراسة بتحلیل الادوار الفاعلة لمرکز الفسطاط باعتباره مجالا عاما یتیح مجموعة من البرامج والدورات الثقافیة کبدیل موازى للتنشئة الحرفیة التى کانت تمارس منذ القدم داخل الورش الحرفیة.

 

الاطار التصورى للدراسة الحالیة على خریطة الدراسات السابقة :

تم الاستعانة أیضا ببعض الفروض والمنطلقات النظریة والمنهجیة فى صیاغة أهداف الدراسة ودلیل کلا من المقابلة ودراسة الحالة، وفى هذا الصدد تم تقسیم الدراسات السابقة الى عدة محاور منها ما یتصل بتجارب بعض الدول فى مجال احیاء الحرف والصناعات التقلیدیة والتراثیة، والمحور الثانى یتعلق بالدور التنموى الذى یلعبه مفهوم التنشئة المهنیة بشکل عام فى التنمیة المستدامة .

 

أ-الدراسات التى تناولت خبرات الدول المعنیة بقضایا احیاء الحرف والصناعات التقلیدیة:

اذا تطرقنا لبعض الدراسات المصریة فهناک بحث اثنوجرافی عن احوال النساء المسلمات التى تعمل بالحرف الیدویة فی احدى القری المصریة (فهمى 1984 ) حیث تم مناقشة مدى مساهمة المرأة فی الانتاج الحرفی کمحاولة للتعرف علی الحرف المقبولة لدى المرأة  فی مقابل الحرف الخاصة بالرجال، وایضا حساب التقدیرات التى تتعلق بقوة العمل غیر المأجور داخل الاسرة من قبل المرأة وخاصة فی الزراعة والتجارة والانتاج الحرفی، وقد هدفت هذه الدراسة الى القاء الضوء علی الحرف التقلیدیة الخاصه بالنساء (خاصه صناعه النسیج المعروفه بالفرسیلیا)، وقد ناقشت الدراسة أیضا وضع الحرف التقلیدیة فی ظل عملیه التحول الرسمالى والیات التکیف، هذا الى جانب الترکیز علی وضع المرأة فی مواجهة الرجل خلال عملیه التحول الرأسمالى وسبل تکیفها، ففی مصر ما زالت انشطة النساء فی المنزل أو الزراعة تشکل الجزء الاکبر من الدخل القومى غیر المرئی ، کما تعد مساهمة النساء کقیمة تبادلیة لعمل الزوج فی اطار عملها غیر مدفوع الأجر، والاحصاءات هنا لا تشمل العدید من انشطة النساء فی هذا المجال، علاوة علی أن عملیة التحول الرأسمالى والاتجاه الى التصنیع ساهمت فی تغیر التقسیم النوعی للعمل ، وفى ظل المخاوف المتزایدة نتیجه الهوة الواسعة بین القطاعین العام والخاص، تحصل المرأة علی فرص أقل للعمل خارج المنزل .

کذلک الدراسة الموسعة بعنوان " الحرف والصناعات التقلیدیة بین الثبات والتغیر"( علام 1991 ) والتى قامت بدراسة العدید من الحرف التقلیدیة وانتهت الدراسة المیدانیة الى العدید من النتائج من أهمها حدوث تغیر فی البناء الاجتماعی للحرفیة من أهم مظاهره تلاشی دور رب الحرفة سواء فی السیطرة علی الحرفیین، أو فی الدفاع أو الحمایة للحرفیین العاملین لدیه . کذلک انعدام تواجد معاییر تحدد جودة المنتج الحرفی، هذا الى جانب اضمحلال عملیه تدریب الصبیة، وانخفاض الشعور بروح الجماعة وسیاده الفردیة کموجه لسلوک الحرفی .

 وفی دراسة ( موریس 1996) تناولت أسباب عوده اهتمام الکثیر من مجتمعات العالم منها بریطانیا بالحرف التقلیدیة البسیطة والمعقدة مثل النسیج والسجاد والاثاث والزجاج الملون وغیرها الى  أسباب اقتصادیة منها أنها تستخدم مواد اولیة طبیعیة، وتنتج سلع جمیلة وعظیمة القیمة - هذا الى جانب - أنه مجال ییسر دخول منتجین جدد، فأى وحده معیشیة تستطیع ان تتعلم حرفة وتحسن من ظروفها الحیاتیة ، کما تلقی الدراسة الضوء علی نشأه مجلس الحرف فی لندن ، ودوره فی مناقشه اسباب تدهور الحرف التقلیدیة امام الیات الانتاج الضخم . کما تشیر الدراسة الى أن المنتجات الحرفیة تدخل فی صراع مع الانتاج الضخم ، وقد برزت هذه المشکلة مع مطلع القرن العشرین فی المانیا والسوید، حینما حاولت تحدید موقع الحرفی داخل التنظیم الصناعی .أما بریطانیا فقد ابدت احتراما شدیدا للحرف رغم کونها مکلفة، وسعت لرفع مکانة الحرفی ، وذلک لما للحرف من مکانة ثقافیة ، ولعل هذا أحد الاسباب الرئیسیة فى الاهتمام بالحرف یرجع الى ما تعرضت له من تناسی مثل حرفة الفخار التى تحول معاملها الصغیرة الى صناعة النحت أو اشکال فنیة اخری، وصناعه النسیج وغیرها اصبحت فی اطار التحف الفنیة . وهذه الاسباب أدت الى توجه بعض المهتمین بالحرف التقلیدیة الى ضرورة ادخالها ضمن الاقتصادیات الحدیثة منذ عام 1996، وکان من مبررات ذلک ان معظم الدخول فی الطبقة الوسطى اصبحت لا تکفی الاحتیاجات الاساسیة ، لذا فإن دخولها الاعمال الحرفیة یحسن من ظروفها المعیشیة .

وفی دراسه اثنوجرافیة حول الصناعات والحرف الشعبیة فی محافظة الدقهلیة (غنیم:1996) کان من ضمن

أهداف الدراسة تناول الاصول الانتاجیة للحرف الشعبیة للکشف عن مدى قابلیة هذه الحرف للمعایشة مع ادوات العصر من حیث المیکنة الحدیثة والخامات المستحدثة، علاوة علی دراسة المقومات الفیزیقیة فی البیئة ومواردها الطبیعیة وامکانیاتها البشریة القادرة علی تفهم الاسالیب الانتاجیة المتطورة، أیضا ناقشت الدراسة مدى قدرة الثقافة الشعبیة علی التفاعل مع الثقافة الجدیدة عبر العصور .

أیضا دراسة (الولی، عبد الحی 2002 م) بعنوان: مجموعة تنمیة التقنیة الوسیطة  بولایة کسلا فی السودان . دراسة میدانیة، وقد هدفت إلی دراسة واقع التقنیة الوسیطة کبرنامج لمجموعة تنمیة التقنیة الوسیطة بالولایة وکآلیة من آلیات معالجة الفقر، وبحثت فی الفقر کظاهرة وأسبابه وتجارب المؤسسات الحکومیة والمصارف والمنظمات العالمیة لمعالجته، ومفهوم التقنیة الوسیطة، وأکدت الدراسة حاجة الناس لها کمتطلبات إقتصادیة وٕاجتماعیة، وأوصت بضرورة ممارسة التقنیة الوسیطة کأسلوب تنموی فی المجتمعات الفقیرة.

وفی اطار الدعوة العالمیة للحفاظ علی الحرف التقلیدیة اشارت دراسة ( بینسون 2006) الى ضرورة انشاء منظمات دولیة غیر هادفة للربح کشکل من أشکال المجتمع المدنى التى تقدم مساعدات بهدف دفع وتعزیز الحرف التقلیدیة سواء علی مستوى البنیة الحرفیة، أو العملیة الإنتاجیة، أو التسویق، أى التدریب على آلیات انتشارها فی الاسواق الحدیثة . وطرحت الدراسة نموذج لهذه المنظمات التى  تقدم دعم شامل لکل الحرف التقلیدیة التى  تستخدم موارد صدیقة للبیئة، فضلا عن امدادها بتصمیمات فنیة فریدة.

وفی اطار دراسه ( بییر 2006 ) بعنوان " التجارة القائمة علی اساس المنتجات الحرفیة فی المناطق الریفیة بکاب فی جنوب افریقیا " : فقد اوضحت الدراسة أن حصیلة بیع المنتجات الحرفیة المصنوعة من النباتات اللیفیة تعد مصدرا هاما لدخل العدید من النساء الضعیفات اقتصادیا فی الجزء الشرقی من جنوب افریقیا، کما تعد صناعة النسیج الیدوى ذات اهمیة وظیفیة وثقافیة وخاصة بالنسبه للریفیین، حیث تباع منتجاتهم فی مجتمعاتهم أو فی المدن المجاورة لهم ، کما اوضحت النتائج ان الحرف التقلیدیة تسهم بشکل حیوى فی دخل الوحدات المعیشیة الفقیرة بمعدل 26%من الدخل النقدى للوحدة المعیشیة الفقیرة ، بینما تسجل 15%من دخل الوحدات المعیشیة الایسر حالا، وتعایش هؤلاء النساء اخفاقات بسبب أنها تبیع منتجاتها التقلیدیة فی اسواق غیر تقلیدیة.

وفی دراسة ( تانج 2006 ) تحت عنوان " الحرف التقلیدیة شعارا للاولمبیاد " ، ناقش هذا البحث دور الحرف التقلیدیة وخاصة العرائس ذات الخلفیة التاریخیة والثقافیة فی المجتمع الصینى، حیث تتمتع هذه الحرف بتنوع هائل فی صناعة العرائس ذات المحتوى الثقافی والفنى وخاصة فی مدینة بکین. وفی مناسبة تنظیم الصین للاولمبیاد 2008 ، وقد شهدت الصین استعدادات ضخمة تسمح للفنون التقلیدیة وخاصة العرائس لتکون العلامه أو شعارا ممیزا لهذه الاولمبیاد .أیضا تطرقت بعض الدراسات الى ما ابعد من ذلک حیث دعت بعض الدراسات الى تصمیم برامج تعلیمیة یتم ادماجها داخل کل المراحل الدراسیة لتعلیم الاطفال من مراحل التنشئة الاولى المهارات الاساسیة لتکوین مشروعات صغیرة.

وفی دراسه اخری ( لاند 2009) حیث طرحت برنامج یهدف الی الاهتمام بالحرف التقلیدیة فی مواجهة المخاطر البیئیة ، وخاصه فی المناطق الساحلیة من جراء تأثیر السیاحة ، هذا البرنامج یزید من قوة الاتجاه نحو الحرف التقلیدیة وتوسیع مجالاتها لتشجیع السیاحة، والحفاظ علی التراث الثقافی، هذا فضلا عن الحفاظ علی المنظومة البیئیة، والاقلال من الانبعاث الحرارى سعیا لتوزیع متوازن للحرارة علی الارض، وفی هذا الاطار تطرح الحرف التقلیدیة ضمن مشروعات المجتمع المحلی ذات الوظائف البیئیة والثقافیة معا . وحددت هذه الدراسة شروط لانجاح البرنامج تبدأ من تشجیع الحکومات علی تنمیة البنیة التحتیة لمثل هذه المشروعات، وحمایة الموارد الثقافیة والطبیعیة، وانشاء صنادیق تمویل ائتمان، وتأسیس نظم اداریة ملائمة لهذه المشروعات، هذا مع التاکید علی دور منظمات المجتمع المدنى فی الارتقاء بالحرف التقلیدیة ذات المردود الاقتصادى.

ایضا دراسة بن العمودى جلیلة عن تجربة الجزائر فی تنمیة قطاع الصناعة التقلیدیة والحرف من 1992: 2009 م ، حیث عرض وضع  قطاع الصناعة التقلیدیة بالجزائر، ونوعیة الحرف المعتمدة فى الجزائر، وخصائص المؤسسات الحرفیة ودورها فى زیادة الدخل القومى، والإدخار، والإستثمار، وکیفیة إعادة تأسیس قطاع الحرف التقلیدیة، وإستراتیجة النهوض بالقطاع فى المرحلة من عام 1992: 2009م.وقد عرضت الدراسة مدى التطور الذى حدث فى ارتفاع المشروعات الحرفیة من تسعة وسبعون الى ثمان مائة وخمسین مشروعا حرفیا سنة 2009م. کما سجّل قطاع الصناعة التقلیدیة والحرف تطوّراً هاماً فی حجم الإستثمارات المحققة حیث إرتفع حجم الإستثمار الإجمالی بأکثر من ملیار دینار جزائری فی الفترة 2005-2008م، هذه الزیادة فی حجم الإستثمار رافقها أیضاً إرتفاع بارز فی حجم الإنتاج، حیث شهد الانتاج زیادة تقدّر بـحوالی 20 ملیار دینار جزائرى خلال نفس الفترة، ولعب قطاع الصناعة التقلیدیة والحرف دوراً هاماً فى التشغیل، حیث رافق تطوّر عدد المشروعات الحرفیة فی الفترة 2003-2009م إرتفاع فی عدد فرص العمل، وقد أبدت الدولة اهتمامها فى إعداد إستراتیجیة أو مخطط عمل لتنمیة الصناعة التقلیدیة رغم حداثة الإنتماء إلى قطاع المؤسسات الصغیرة  والمتوسطة ، إلا أنه تم إتخاذ خطوة عملاقة إلى الأمام.

وعلى الرغم من أن بعض الدراسات لم تؤید امکانیة تدریب الافراد على مهارات التفکیر الابداعى اثناء القیام بالمشروع حیث فرقت ما بین المعرفة او العلم بالمشروع وبین فنون تطبیقه التى غالبا ما تکون غیر متعلمة وانما ترجع للمواهب والقدرات والفروق الفردیة (Timmons and Spinelli 2004; Henry, Hill, and Leitch 2005; Kuratko) کانت هناک بعض الدراسات الاخرى التى اکدت على أن تلک المهارات یمکن تعلمها بسهولة اذا ما قامت بدمج مهارات القیام بالمشروعات الصغیرة والتدریب علیها منذ الصغر من خلال التعلیم بمراحله المختلفة، حیث ان تلک المهارات قد تکون قابلة للنقل اذا ما تم ربطها بمنهجیة التعلیم ذاته (World Bank 2010).

کذلک دراسة بعنوان" وضعیة قطاع الصناعة الحرفیة بالمملکة المغربیة" للباحث محمد السائری، ویعرض البحث وضع قطاع الصناعة التقلیدیة فى المغرب، وعرض لبعض المشاریع الرائدة فى قطاع الحرف التقلیدیة، حیث یعد دعم وتقویة البنى التحتیة وبالخصوص قرى الصناع التقلیدیین کأحد أولویات الإستراتیجیة التی وضعتها الوزارة على المدی القریب والمتوسط لخلق فضاءات ملائمة للإنتاج ، والعرض، والتسویق، بغیة دعم تنافسیة منتجات الصناعة التقلیدیة بإعتبار القطاع له من المؤهلات ما یخوله المساهمة فی إحداث مناصب للشغل، وتثمین مکانته ضمن مکونات الإقتصاد الوطنی. وقد اتجهت الدولة نحو سبل تطویر ودعم المشروعات الصغیرة للحرف منها تطویر تقنیات الإنتاج وإستعمال أدوات عمل بدیلة تمکن من الجودة والمحافظة على البیئة.  وفی هذا الصدد نذکر کلاً من مشروعی الفخار بکل من (واد لاو، ودمنات( بحیث تم إستبدال الأفرنة التقلیدیة الفردیة التی تستعمل الخشب کمادة للطهی بأخرى غازیة، کما شرعت العدید من المقاولات بمدن أخرى (کسلا، وأسفی، ومراکش بإستعمال أفرنة غازیة حدیثة تستجیب للمواصفات البیئیة والتی أعطت نتائج إیجابیة على مستوى تحسین جودة المنتج وکذلک المردودیة، وتطویر تقنیات صناعة النسیج التقلیدی وتنویع منتجاته لمسایرة متطلبات السوق عبر تبنی مفهوم التصمیم ، والإبتکار، والإبداع، وکذلک وضع وتبنی مجموعة من المواصفات فی قطاعات النسیج التقلیدی، والخزف، والمعادن للرفع من جودة المنتج وحمایته من المنافسة غیر المشروعة.

ومن خلال التجارب السابقة لبعض البلدان ونتائج بعض الدراسات  یتضح أن: هناک محاولات لتطویر قطاع الحرف التقلیدیة فى کثیر من بلدان العالم تتمثل فى: تطویر نظام الإنتاج المحلى، وتنمیة مهارات الحرفیین، وتوفیر جهات تمویلیة للحرفیین، تطویر الأسواق المحلیة، ومسالک الترویج، وفتح أسواق داخلیة وخارجیة، وإتخاذ العدید من الإجراءات لمزید من التشجیع على التصدیر، وتطویر تقنیات الإنتاج ، وإستعمال أدوات عمل بدیلة تمکن من الجودة والمحافظة على البیئة، وهو ما ستقوم الدراسة الحالیة برصده داخل الواقع المیدانى وامکانیة النهوض بتلک العناصر کمقومات أساسیة للنهوض بقطاع الحرف فى مجملها کما اشارت لذلک نتائج الدراسات السابقة فى هذا المجال .

ب- الدراسات التى تناولت أدوار الحرف التقلیدیة والبسیطة فى التنمیة المستدامة وخلق فرص لتواجد المشروعات الصغیرة

رکزت معظم هذه الدراسات على الدور الذى تلعبه بعض المشروعات المستمدة من البیئة المحلیة والتى قد یکون لها أهداف اقتصادیة دون الاخلال بالتوازن البیئى أو ایکولوجیا المجتمع المحلى الذى یضمها ، أو دون خلق مشاکل کبرى أو اضرار ترتبط باستدامة المجتمع المحلى ککل (( Gladwin, 1992  ، ومن ضمن تلک الدراسات التى رکزت على المشروعات ذات التأثیر الایجابى المجتمعى والتأثیر البیئى السلبى دراسة ستیورات هال عن المشروعات التى تم تأسیسها على المصادر الطبیعیة، حیث قام بمناقشة اقتصادیات الاتاحة والاعاشة وعقد المقارنات بینهما لبیان التمیز فى الفوائد الاجتماعیة المترتبة علیهما، وانتهت الدراسة الى توضیح أهمیة الاعتماد على اقتصادیات البیئة الطبیعیة نظرا لنمو عدد السکان فى العالم وزیادة مخاطر التلوث البیئى معها مما استلزم وجود نمط من الاعاشة کبدیل للنمو الاقتصادى العالمى یعتمد فقط على موارد البیئة الطبیعیة .(Stuart L Hart: 1995)

وکذلک دراسة ( 2011 ( Adeyemiعن المشروعات الصغیرة فى نیجیریا، والتى ذهب فى فرضیته انها  تعد اساسیة فى کل الدول التى تنشد التقدم حیث انها تعتمد على الابداعیة والمبادرة بهدف تحقیق شکل من أشکال التنمیة المستدامة والقضاء على البطالة، فضلا عن تناقص معدل الفقر، وخلق وظائف متجددة تستوعب اعدادا کبیرة من المتعطلین عن العمل .

کما ناقشت بعض الدراسات مثل دراسة (2011 :Chuthamas Chittithaworn) فى تایلاند أهمیة التعاون والجماعیة لانشاء المشروع ذاته، وأثناء العمل بالمشروع من أجل انجاحه وخاصة فى ظل الاقتصادیات الضعیفة وعدم وجود دعم کافى من قبل الحکومات لانشاء المشروعات الصغرى ، حیث یصیر لزاما انتشار ثقافة العمل الجماعى أثناء افتتاح المشروعات ، وهو ما یصیر لزاما تدریب الافراد علیها، کما وجهت الدراسة الأهمیة بمکان الى ضرورة انشاء قاعدة تکنولوجیة واسعة عند انشاء المشروعات الصغرى للاتصال بالعمال والشرکاء المحتلمین فى المستقبل وتوسیع نطاق التسویق، واشارت الدراسة الى الدور الذى تلعبه وسائل التواصل الحدیثة فى التعاون والتفاعل ما بین المشروعات الصغرى من أجل تحقیق بعض الادوار التکاملیة.

کذلک ناقشت بعض المنظمات فى کندا والولایات المتحدة الامریکیة (2001 ORGANISATION FOR: ECONOMIC CO-OPERATION AND DEVELOPMENT) أهمیة التعلیم المبکر لمبادىء انشاء المشروعات الصغیرة والاهم من ذلک الترکیز على المجالات الحقیقیة التى یحتاجها سوق العمل، والتى تحتاج بالفعل لخدمة شباب المجتمع المحلى بها ، وقد توصلت تلک الدراسة أن من أهم المشکلات التى تعیق الشباب داخل کندا والولایات المتحدة الامریکیة فى سبیل اقامة مشروع صغیر هما التعامل مع البنوک والاقتراض ، ولذلک بدأت هذه الدول بانشاء برامج تعلیمیة مشترکة مع خبراء فى البنوک لتدریب الشباب الصغیر على کیفیة انشاء عمل خاص بعد تخرجهم من الجامعات .

ویتضح من تلک الدراسات أهمیة التدریب المبکر للافراد على کیفیة استخدام بعض المصادر الطبیعیة المستقاة من البیئة المحلیة فى عمل مشروعات صغرى من خلال الشراکة الجماعیة ، وهنا توجه هذه الدراسات الاهتمام أن عناصر التدریب تمتد لتشمل التدریب الحرفى والتدریب الثقافى وتقبل فکرة ثقافة العمل الجماعى فضلا عن التدریب التکنولوجى الذى بات ضروریا استخدامه فى عملیات التسویق ، ومن ثم سوف تتوجه الدراسة الحالیة الى اختبار تلک العناصر الثلاثة المکملة للتدریب المهارى على الحرفة حیث تفترض الدراسة الحالیة ان وجودها بات ضروریا لانجاح أى مشروع فردى أو جماعى یتعلق بالعمل الحرفى.

منهج الدراسة وأدواتها :-

1- اعتمدت الدراسة فى تحلیلها الکیفى على المنهج الانثروبولوجى کمنهج استقرائى للواقع بأدواته المختلفة، وفى منهجها الکمى على أداة الاستبیان لمطابقة البیانات الکیفیة بالبیانات الکمیة، وقد شمل التحلیل الکیفى استخدام دلیل دراسة الحالة فی حالتها الطبیعیة بوصفها مصدراً رئیسیاً للمعلومات، وکان مرکز الفسطاط بمصر القدیمة هو وحدة التحلیل الرئیسیة فى دراسة الحالة ، ومن ثم قد احتوت حالات الدراسة علی 12 من المتدربین فى مجالات حرفیة متنوعة، و 4 من المدربین فى مجال الحرف الیدویة والتراثیة ، بالاضافة الى أربعة من رؤساء الاقسام  بالمرکز لیکون المجموع عشرون حالة. وقد اعتمدت الدراسة على کافة أدوات المنهج الأنثروبولوجى على النحو التالى :

أ - الملاحظة : وقد تم توظیفها فی هذه الدراسة من خلال ملاحظة درجة ازدحام الشوارع المحیطة بالمرکز وعما اذا کانت تزخر بالورش الحرفیة، فضلاعن الاشکال التراثیة لمبان المرکز، وورش التدریب بتجهیزاتها وادواتها البسیطة منها والتکنولوجیة، بالاضافة لملاحظة المتدربین ومدى قدرتهم على استیعاب المادة التدریبیة المعطاة، واخیرا ملاحظة کافة اشکال التفاعلات الاجتماعیة ما بین المتدربین والمدربین. کما تم تطبیق أداة الملاحظة بالمشارکة على نطاق ضیق ووفقا لما سمح به المدربین من حضور المحاضرات النظریة والمیدانیة للوقوف على مدى فاعلیة التدریب وتحلیل عملیات التواصل ذاتها فیما بین المدربین والمتدربین .

ب - المقابلة المتعمقة : تم وضع دلیل للمقابلة وتطبیقه على عدد من 20 من المتدربین وعشرة من المدربین، فضلا على تطبیقه على عدد محدود من مدیرى المرکز نظرا لصعوبة التوصل الیهم فى کثیر من الاحیان، وتم تطبیق أیضا بعض المناقشات الجماعیة مع المتدربین فى فترات الاستراحة والغذاء واثارة قضایا بعینها لسماع وجهات النظر المختلفة حول التدریب الحرفى بصفة عامة . وقد شمل دلیل المقابلة بنود متعددة تتعلق بکل فئة على حدة .

ج - التصویر الفوتوغرافی : کان ضروریا استخدام التصویر الفوتغرافى لاستکشاف بعض صور ومعالم الحیاة الیومیة بمجتمع الدراسة والتی تعد تعبیراً عن جزیئات ومجریات عملیة التدریب ذاتها فى الواقع المیدانى، وقد تم توظیف التصویر من خلال توثیق شکل المرکز من الخارج ومبانیه واروقته المختلفة والحرف داخلها والاشیاء التى تصنع منها، بالاضافه للمنتجات المعروضة داخل المرکز، والحدائق والتماثیل المنتشره بداخلها ، بالاضافه للورش وتجهیزاتها من ادوات ومعدات مستخدمة فی صناعه الحرف التراثیة، وذلک توثیقا لما قامت به من خلال هذه الدراسة والاستشهاد بهذه الصور فى توضیح ملامح الحرف التراثیة داخل المرکز .

د-الاخباریون : وقد اعتمدت الدراسة على بعض الاخباریین الاساسیین منهم أحد الموظفین بوزارة الثقافة الذى شهد فکرة انشاء المرکز منذ بدایته ، وکذلک بعض المسؤلین عن الموافقات الاولیة للمتدربین وفقا لشروط المنحة.

2-کما اعتمدت الدراسة  فى تحلیلها الکمى علی استمارة الاستبیان، وقد شملت قائمة الاستبیان عدة محاورمنها : بیانات اساسیة للمبحوثین، الحرف التقلیدیة والیات صناعتها ، التدریب داخل المرکز، احتیاجات العمال داخل المرکز، تسویق وتمویل المنتجات ، المشروعات الصغیرة والمشکلات التى تواجه المرکز، مسقبل هذه الحرف ودورها فی تعمیق الهویة والانتماء .

کما قامت الدراسة بتحدید متغیرات البحث فى کلا من المتغیر المستقل: "التدریب الحرفى للشباب". والمتغیر التابع: " دعم المشروعات الصغیرة".

   وقد تم تطبیق الاستبیان على عینة عمدیة من المتدربین بمرکز الفسطاط حیث بلغ عدد أفراد العینة 100 فردا ة وفقا لمتغیرات النوع والعمر الزمنى وکذلک التنوع فى الحرف المتدرب علیها داخل محل الدراسة، وقد تم التطبیق فى الفترة من فبرایر 2018 الى مایو 2018،  ثم رصد نتائج التطبیق وتحلیلها.

ایضا تم مراعاة ضبط المتغیرات المؤثرة فى تجربة البحث منها العمر الزمنى: حیث حرصت الدراسة الکمیة على التنوع فى العمر الزمنى لأفراد عینة البحث، وذلک حتى تضمن تنوع المستوى الفکرى لأفراد العینة.کما تم اختیار العینة وفقا لمعیار النوع بأعداد ونسب متقاربة من حیث الذکور والاناث فکان عدد کل نوع (56 ذکور، 44 إناث)، وقد تم اختیار العدد الاکبر من الذکور وفقا لما جاءت به کشوف الالتحاق من زیادة عدد المتدربین من الذکور مقارنة بالاناث، والجدول التالى یوضح التکرارات والنسب المئویة للعینة وفقا لمتغیر النوع والفئة العمریة:

  • ·        جدول (1)
  •  تقسیم عینة البحث وفقا لمتغیر النوع والفئة العمریة

 

 

 

  الفئة

النوع

21 - 25

26 - 30

31 - 35

36 - 40

المجموع

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ذکور

8

8%

17

17%

17

17%

14

14%

56

56%

إناث

4

4%

13

13%

16

16%

11

11%

44

44%

المجموع

12

12%

30

30%

33

33%

25

25%

100

100%

 

---النوع : فقد تم اختیار ستة وخمسون مفردة من الذکور واربع واربعین من الاناث وفقا لمدى تکرار الذکور والاناث داخل مجتمع الدراسة، فقد کشفت الاحصائیات والدراسة المیدانیة ان الذکور اکثر اقبالا على المرکز من الاناث وأکثر اقبالا على تعلم الحرف الیدویة بأنواعها المختلفة فیما اقتصر تعلم الاناث على بعض الحرف المرتبطة بالفخار والخیامیة والنسج بأنواعه المختلفة.

 

-المستوى التعلیمى: حرصت الباحثة على اختیار أفراد عینة البحث من مستویات تعلیمیة مختلفة وذلک بهدف رصد الفئات الاکثر اقبالا على تعلم الحرف الیدویة واقامة المشروعات الصغیرة وفقا للمرحلة التعلیمیة التى قامت باتمامها،والجدول التالى یوضح التکرارات والنسب المئویة للعینة وفقا لمتغیر النوع والمستوى التعلیمى:

 

 

جدول (2) توزیع العینة وفقا لمتغیر المستوى التعلیمى والنوع

      

        التعلیم

النوع

أمى

یقرأ ویکتب

مؤهل متوسط

مؤهل فوق المتوسط

مؤهل عالى

المجموع

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ذکور

3

3%

5

5%

23

23%

21

21%

4

4%

56

56%

إناث

0

0%

27

27%

10

10%

4

4%

3

3%

44

44%

المجموع

3

3%

32

32%

33

33%

25

25%

7

7%

100

100%

 

 کذلک تم الحرص على اختیار عینة تمثل مستویات تعلیمیة متنوعة، حیث کشفت الدراسة المیدانیة على اختلافات بین المتقدمین للتدریب وفقا للمستوى التعلیمى کان أبرزها الشباب ذو المؤهل المتوسط وخاصة خریجى المدارس الثانویة التجاریة والفنیة والصناعیة، وکذلک تواجدت نسبة کبیرة من خریجى بعض المعاهد الفنیة الذین فضلوا الالتحاق بالمرکز لصقل موهبتهم والبدء فى أعمال خاصة بهم . کما ندر تواجد الشباب ذو الخلفیة العلمیة البسیطة نظرا لان الدورة تعتمد فى جانب کبیر منها على الدروس النظریة التى تستلزم معها قراءة ما یتم توزیعه من أوراق على الحاضرین واستیعاب ما یتم کتابته على الالواح الجداریة المعلقة على الجدران داخل أروقة المحاضرات النظریة.

-المستوى الاقتصادى (الدخل): حرصت الباحثة على اختیار أفراد عینة البحث من مستویات اقتصادیة متنوعة والجدول التالى یوضح التکرارات والنسب المئویة للعینة وفقا لمتغیر النوع والمستوى الاقتصادى:

 

جدول (3) تقسیم عینة البحث وفقا لمتغیر النوع والمستوى الاقتصادى

        فئة

       الدخل

النوع

أقل من 1000

1000 - 2000

2000 - 3000

المجموع

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ت

ن

ذکور

21

21%

30

30%

5

5%

56

56%

إناث

11

11%

22

22%

11

11%

44

44%

المجموع

32

32%

52

52%

16

16%

100

100%

 

 تم اختیار مستویات دخول متباینة وذلک بهدف الکشف عن امکانیة قیام المشروعات الصغیرة وفقا لما یحصل علیه المتدربین من دخول، ومن ثم فقد کشفت النسبة الاکبر من المتدربین عن أن دخولهم تتراوح ما بین الالف الى الفان جنیها شهریا مما قد یشکل عائقا امام قیام المشروعات الصغیرة بشکل فردى، وقد تراوحت النسبة الاقل من العینة فى الدخول المنخفضة التى تمثل اقل من الف جنیه شهریا والدخول التى تراوحت ما بین الالفان والثلاثة الاف شهریا.

  وأخیرا تم حساب وتحلیل البیانات والنتائج باستخدام اختبار کا2 من خلال المعادلة التالیة:

 

کا2= مجـ

(ت –   ت/)2

ت/

حیث تالتکرار الملاحظ، ت/ التکرار المتوقع. وذلک باستخدام برنامج الحزمة الإحصائیة SPSS

مناقشة نتائج الدراسة المیدانیة 

 

أولا : تاریخ انشاء مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط والاقسام الداخلیة به:

ارتبطت الحرف التقلیدیة دائماً بمدى الازدهار الاقتصادی داخل المجتمع المصرى ومدى اهتمام الحکام بتأکید دعائم حکمهم من خلال بناء المساجد والأسبلة والوکالات، وغیرها من الأبنیة التی کانت تستلزم جمعاً من الحرفیین المهرة فی مختلف أفرع الفنون الحرفیة. وکانت هذه الحرف موضع اهتمام شیوخ الصنعة والحرفیین أنفسهم، حیث لا یبوح (الحرفی بأسرارها إلا للمقربین)، وکان قد تم وضع حجر الأساس لمرکز الحرف فی نفس الیوم الذی تم فیه افتتاح مرکز الخزف بالفسطاط. وقد أقیم مرکز الحرف التقلیدیة وسط منطفة ذات خصوصیة فریدة لها طابع ممیز یستطیع کل من یمر بالمنطقة أن یلاحظه بوضوح، حیث تکتسب مدینة الفسطاط سحراً لما لها من عراقة تاریخیة وجذوراً متمیزة، فهى المدینة التى أسسها عمرو بن العاص حیث بناها فى الفضاء الواسع بین نهر النیل وتلال المقطم ،وبنى فیها أول مسجد فى مصر « مسجد عمرو بن العاص « بمساحته الشاسعة وتصمیمه الفرید، وکانت البیوت فى المنطقة فى أول الأمر مشیدة من طابق واحد ثم زاد ارتفاعها وتعددت طوابقها، وکانت تحتوى على آبار وصهاریج للماء العذب وبعضها مزود بنافورة أو برکة، وقد اعتبرت مدینة الفسطاط شاهداً على تعاقب الأدیان السماویة على مصر ، فهى تضم أعظم المناطق الأثریة والدینیة المهمة مثل جامع عمرو والمتحف القبطى وکنیسة أبى سرجة والست بربارة والمعبد الیهودى (عز الدین نجیب: 15-2008:2).

وتعد مراکز الحرف بالفسطاط إحدى المشروعات الکبرى التى أنشأتها وزارة الثقافة، والتى تهدف إلى إحیاء أمجاد ماض عریق وحاضر مشرق، وذلک بإتاحة الفرصة الکاملة أمام الفنانین والحرفیین لممارسة إبداعاتهم وتأکید القیمة الفنیة فى هذا المضمار. وتعتبر هذه المراکز التابعة لصندوق التنمیة الثقافیة إحدى أهم المراکز التى تعتمد فى إنتاجها على حرفیین قادرین على استیعاب واستلهام روح الماضى وإبداع منتجات مستوحاة من التراث، ولدیهم المقدرة على إبتکار وتصمیم وتنفیذ الوحدات والزخارف الإسلامیة. کما کلفت وزارة الثقافة الفنان الراحل وشیخ الخزافین «سعید الصدر» بإنشاء وتأسیس مرکز لفن الخزف بمنطقة الفخرانیة بمصر القدیمة سنة 1958، وقد أشرف سعید الصدر على إنشاء هذا المرکز على شکل «أتیلیه صغیر» یحتوى على فرن واحد لحرق الخزف وقدم من خلال تلک الإمکانات المحدودة نموذجاً رائعاً لتجربة فریدة من نوعها، وقد اهتمت الدولة فی فترة الستینیات بهذا المجال فأنشأت ستة مراکز بالقاهرة لإحیاء الحرف التراثیة والتدریب علیها، وقد بدأ بناء مشروع المرکز عام 1996 وبمساحة تصل إلى 2400 متر مربع، وقد استلهم التصمیم المعماری طراز المرکز من عمارة الدکتور حسن فتحی، حیث جرى الانتهاء من البناء وتم افتتاح هذا المبنى فی عام 2001، ومنذ افتتاحه ظل المرکز یعمل فی خدمة الحرفة والحرفیین وکان منارة لهم داخل المنطقة إلى أن جاء القرار الوزاری بنقل المکان إلى صندوق التنمیة الثقافیة، حیث بدأت مرحلة أخرى فی تاریخ مرکز الخزف بالفسطاط وتمت الصیانة الکاملة للأفران والمعدات الموجودة بالمرکز، والتی أصبحت تضاهی الأفران الموجودة فی أحدث مراکز الخزف بالعالم. وقد کان هذا الاتیلیة نواة لمرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط الذى تطور وتحول الى مبنى للفخار عام 2002م، واضاف الیة معرض اخر لعرض المنتجات، ثم بعد ذلک تم انشاء مبنى اخر للتوسع فى الحرف ودخول الجدید منها عام 2005م تحت اشراف وزیر الثقافة السابق فاروق حسنى، وشمل التطویر المعدات والالات  الموجودة بالمرکز من خلال تأهیلها، وما زال التطویر مستمر حتى الان ویظهر ذلک بوضوح فى وجود مبنى تحت الانشاء للتوسع فى الحرف، ویعد هذا المرکز حکومیا تابع لصندوق التنمیة الثقافیة التابع لوزارة الثقافة التى قامت بتعیین موظفین حکومیین به داخل المرکز للإشراف على عملیات الانتاج والتدریب والتسویق ( عز الدین نجیب: 2011: ص33).

وقد تم تطویر الهیکل التنظیمى للمرکز لیشمل مدیر المرکز وهو الذى تقوم بتعیینه وزارة الثقافة، وکذلک تعیین العاملین بالاقسام الداخلیة للمرکز مثل قسم الحسابات، قسم المراجعة، قسم التورید، قسم التسویق، قسم النشاط الانتاجى وغیرهم من الاقسام الداخلیة المتعددة ، ویقوموا هؤلاء بدورهم باختیار مجموعة العمال والمشرفین على المتدربین فى تلک المنحة. ولم یکن التطویر منصباً على المعدات والآلات فقط بل شمل أیضاً العمالة الموجودة بالمرکز من خلال تأهیلها والارتقاء بمستویاتها الفنیة، وذلک بالتعاون مع معهد الأمیر تشارلز للحرف التراثیة، والذی یقوم بعمل ورش عمل مع العاملین بالمرکز تهدف إلى رفع کفاءتهم وإکسابهم مهارات عالیة فی التصمیم والزخارف الإسلامیة، والارتقاء بمستویاتها الفنیة، ومن خلال تلک المنح المقدمة من معهد الامیر تشارلز قام المرکز بانشاء ورشة عمل  لتدریب الشباب والفتیات على الأشغال والحرف الیدویة بالمجان للاستفادة منها فى عمل مشروعات صغیرة تحقق أرباحًا تساهم فى توفیر النفقات، وتم الإعلان عن فتح باب التدریب للشباب والفتیات مجانا على عمل الأشغال الیدویة، وابدى المرکز اهتمامه باستیعاب معظم الراغبین فى التدریب أو التفکیر فى اقامة مشروعات صغیرة لهم، وقام بوضع بعض الارشادات والمتطلبات للمتدربین قبل التوجه لمقرات المشروع وتسجیل بیاناتهم لللالتحاق والتدریب مجانا بتلک الورش.

ومما دعم وظائف المرکز وقدرته على التأهیل والتدریب وتشجیع الشباب على الالتحاق به هو حصول المجلس التصدیری للحرف الیدویة على المساندة التصدیریة من صندوق تنمیة الصادرات للشرکات المتخصصة بقطاع الحرف الیدویة من یولیو 2016، حیث یعد الحصول على المساندة التصدیریة أحد أهداف استراتیجیة تطویر قطاع الحرف الیدویة 2017-2020، کما تم اعتماد خطة المعارض الدولیة الخاصة بقطاع الحرف الیدویة وهى عشرة معارض من بینها معارض جماعیة، وفى حالة اشتراک خمس شرکات أو أکثر، یتم تخصیص جناح لتلک الشرکات داخل المعرض ممثلا لمصر، وتحصل على دعم من الدولة یصل لـ80%،ً هذا بالاضافة الى المعارض الفردیة والتعاون مع التمثیل التجارى المصرى بالدول المختلفة . وقد أفادت المقابلة مع المتدربین عن وجود وعى کامل بکل تلک القوانین التى کانت حافزا لهم على الالتحاق بالمرکز، والبدء فى التفکیر فى اقامة مشروع خاص قد یکون بادرة أمل للالتحاق بواحدة من تلک المعارض المحلیة أو الدولیة. ومن ثم فقد أکدت الملاحظة والمقابلة معا أن ثمة هناک خطوات جادة قامت بها وزارة الثقافة لدعم الحرف التراثیة من خلال وضع برامج تدریب الشباب وإقامة معارض للمحترفین لتسویق منتجاتهم، إضافة إلى الدعم الفنی لعدد من الحرفیین والفنانین العاملین فی هذا المجال (دانه الحدیدى:2016).

ویحتوى مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط من الداخل على أروقة بنائیة على شکل أبراج منفصلة ومتصلة مع بعضها البعض، وقد أقیمت على شکل تراثى هندسى جمیل بحیث یحتوى کل رواق على مرکز تدریبى وتسویقى لواحدة من الحرف الیدویة، ویمکن عرضها على النحو التالى :

 - قـسـم الـنجـارة : والذى یحتوى على کافة أعمال النجارة من ماکینات وتجمیع وخرط عربى وأرکیت وصدف وأستر، وقامت هذه الحرفة الفنیة على تشکیل الأخشاب بخرطها یدویاً إلى قطع مختلفة الأحجام والأشکال منفصلة أو متصلة فى عمود، ویتم تجمیع هذه القطع بتعشیقها فى بعضها البعض بدون مواد لاصقة حتى تصبح صالحة للاستخدام فى عمل المشربیات والنوافذ والوسائد وقطع الأثاث. وللخرط أسماء وطرز کثیرة منها «الکنایس» وذلک لارتباطه بالکنائس قبل الإسلام. وتتفاوت قیمة المخروط تبعا لحجم قطعة الخشب المخروطة فکلما کانت صغیرة ودقیقة اکتسبت قیمة فنیة أکبر، وأیضاً مع استخدام تنویعات لونیة باختلاف نوع الخشب المستخدم.

-التطعیم بالصدف: فن التطعیم هو تثبیت مواد منتقاه فى مکان یتم حفره على السطح الخشبى بهدف تجمیله بزخارف معینة، ومن أهم المواد المستخدمة فى التطعیم (الصدف والعظام بأنواعها والأخشاب الثمینة کالأبنوس والخشب الأحمر والنحاس والفضة) ، وکان التطعیم والترصیع فناً شائعاً فى شرق العالم الإسلامى وغربه على السواء طوال العصور المختلفة، حیث استخدم هذا الفن فى صناعة الأبواب والمناضد والصنادیق والالآت الموسیقیة وکانت دمشق من أهم مراکز التطعیم، واحتلت  فنون التطعیم مکانا مرموقاً بین الفنون الحرفیة الأخرى لارتباطها بالنجارة العربیة منذ بدایة الحضارة الإسلامیة فى مصر.

کما کشفت الدراسة المیدانیة عن وجود ورش أخرى بخلاف ما تم جمعه نظریا وهم على التوالى :-ورش الفخار : وتتکون هذه الحرفة من عدة مراحل متسلسلة، منها مرحلة عجن الطین وتصنیعها فی خلاط معین وسمی الطین الأحمر ویأتی من أسوان ویطلق علیه الطین الأسوانی، وهو موجود بالجبال ویتم تکسیره ونخله وإرساله إلی المرکز، ویکون عبارة عن بودرة ویتم استخدام هذه العجینة فی تشکیل الأوانی الفخاریة وهی أولی المراحل وتسمی الطین الأبیض وتستخدم فی رسم اشکال علی بعض الأدوات الصلبة ویتم قلبها علی العجینة لتنتقل هذه الرسومات والأشکال علی العجینة، ثم مرحلة الرسم علی الأوانی وتلوینها. ویغلب علی هذه التصمیمات الطراز الإسلامی وإن کان بعضها نوبی، ومعظم العاملین فی هذا المجال هم خریجی کلیات فنون جمیلة یستخدمون ألوان خاصة بالخزف ویمکن تخفیفها للحصول علی درجات مختلفة من الألوان بالإضافة إلی استخدام صبغات خاصة، ثم تأتى المرحلة النهائیة ویستخدم الجلیز وهو خلیط من البودرة الناعمة یتم عجنها وترش بها الأوانی الفخاریة بعد الرسم علیها لکی تکون طبقة صلبة تحافظ علی الرسم وتوضع فی الفرن 6 ساعات علی درجة حرارة 1200 درجة .أیضا تعد ورش الصدف والحفر علی الخشب من الورش الهامة داخل المرکز، ویعملون فى تنفیذ قطع صنادیق المجوهرات، ویستخدمون أدوات حادة لتقطیع الخشب بشکل معین والحفر علیها، ثم یقوم العامل الثانی بتزیین هذه الصنادیق الخشبیة بواسطة الصدف الذی یقوم بإلتقاطه من خلال الة صغیرة تسمی الشوکة . وکذلک هناک من المتدربین من یتخصص فقط فى فنون الأویما والحفرعلى الخشب : ویشمل الحفر الغائر والبارز فى الخشب لخلق لوحة من الزخارف التقلیدیة الهندسیة والنباتیة. کما تعد ورش الخیامیة من الورش ذات الاقبال المحدود علیها من قبل العمال للتدریب نظرا لانها تتطلب وقتا وجدهدا کبیرا فى تنفیذ کل قطعة على حدة، ومعظم المتدربین داخلها یعملون فى أنواع محددة من القماش مثل قماش تیل دک، قماش التوریکون، هذا بالاضافة لبعض الورش الاخرى منها ورش الـزجـاج الـمـعـشق بالـجـبس والتى وتعتبر هى الاکثر اقبالا من الشباب للالتحاق بها والتدریب علیها، وکذلک ورش الـحلـی ، وهنا یتدرب الشباب على أسالیب اللحام والطرق والکبس والحفر والنقش والتفریغ والتشکیل والشفتشی المفرغ أو الملحوم على قاعدة، والتطعیم بالعجائن الزجاجیة والمینا. وکذلک ورش الـنـحـاس والتى تحتوى على أعمال النحاس من طرق ونقش على النحاس والأرکیت والتکفیت بالفضة والتلمیع، ویضم هذا القسم مجموعة من الحرفیین على أعلى مستوى (دانه الحدیدى:2016):.

وقد اوضحت الدراسة أن أکثر الحرف اقبالا من قبل المتدربین علیها هی ( النحاس – الأرکت – الصدف – الزجاج المعشق بالجبس )، وقد تباینت أراء العمال حول هذه الحرف الا أن هناک اجماعا عاما أنها تمثل الاکثر سهولة ویسرا سواء من حیث فترة التدریب أو رأس المال المستخدم لاقامة المشروع ، ویذکر أحد العمال فى هذا الصدد " الحرف دیه بیبقى علیها اقبال عشان سوقها شغال وبیکسب "، وعلى الجهة الاخرى کشفت الدراسة المیدانیة أن ثمة حرفا تعانى من انخفاضا ملحوظا من قبل الملتحقین بالمرکز واهمها حرفة السجاد الیدوى وحرفة الخیامیة، وفى هذا الصدد یبرر أحد العمال بقوله: " اقل حرف بیتعلمها الناس هی السجاد والخیامیه عشان دیه عایزة صبر ونفس طویل فالتعلیم ووقت اکتر عشان یشرب الصنعة فالحرف دیة کل عمالها کبار فی السن مفیش دم جدید فیها وهتنقرض بمرور الزمن "، ویقول متدرب آخر " الحرف دى عایزة مشروع رأسماله کبیر مش مشروع صغیر وانا ماقدرش اشترى واجهز ادواته ".

کما کشفت الدراسة أن هناک تنوعا فی نماذج التصمیم التى یتدرب علیها الملتحقین الجدد، فمنها ما یعتمد على الخیال أوالصور وتشمل أنماط مختلفة منها الاسلامی والفرعونى واشکال أخرى طبیعیة، ومع ذلک فهناک نمط غالب من التصمیم فى کل حرفة حیث یغلب النمط الاسلامى على تصمیمات منتجات النحاس والخزف والخیامیة والارکت، بینما یتنوع ما بین الاسلامی والفرعونی وصور من الخیال مستمدة من الطبیعة ولوحات فنیة یتم تقلیدها فى صناعة السجاد الیدوی، وفى هذا الصدد یذکر أحد المتدربین فى صناعة السجاد الیدوی  "فی واحد فنان لوحات تشکیلیة بیرسم اللوحات وانا بنسجها بالخیوط ".

وتعد حرف الحلى والخزف من أکثر الحرف اقبالا من قبل المتدربین للاشتراک بالمرکز ، واوضحت المقابلة مع الشباب المتدرب أن ذلک یرجع الى سهولة الحصول على المواد الخام لهذة الحرف، زیادة الطلب على هذة المنتجات، واخیرا سهولة التدریب على هذه الحرف، أیضا لا یحتاجون الى معدات وتجهیزات معقدة ولکنها تحتاج الى معدات سهلة وبسیطة یمکن توفیرها عند البدء فى القیام بنشاط خاص، وأخیرا سهولة عمل مشروع صغیر خاص بتلک المنتجات انها لا تحتاج الى رأس مال کبیر للمواد الخام ، أو امتلاک أو تأجیر مساحات کبیرة للمعدات والالات.

أما بالنسبة لعملیة التسویق داخل المرکز وما ینتج عنه من منتجات جراء عملیة التدریب والعمل الفنى معا، فقد کشفت المقابلات مع مدیرى المرکز والعاملین به وبعض الاخبارریین أن التسویق یقام بشکل دورى علی هیئة معارض موسمیة وسنویة بالاضافة لوجود معرض دائم طوال السنة ویعد منفذ لبیع المنتجات والأعمال الحرفیة الخاصة بالمرکز، ویوجد أیضا معارض محلیة فی مصر فى عددا من الاماکن منها القلعة والحسین وأرض المعارض بمدینة نصر، بالإضافة إلی وجود معارض دولیة بالخارج واشهرها المعارض التى تقام فى الصین والهند والأردن وعمان حیث یشترک جمیع العاملین بالمرکز فی هذه المعارض ویحصلون على الحوافز والمکافأت مقابل العمل فى هذا النشاط ، ومن خلال عملیة المقابلة ذکر أحد العمال " أنا اشتغلت فی الأردن 6 سنین والفرصة دى جاتلی وأنا فی معرض دولی تبع المرکز هناک وزمایلى کده برضو بیلاقوا ساعات فرص عمال وهما فى بلاد بره من خلال المعرض" .

وتعد إدارة المرکز ووزارة الثقافة هما الجهتان المسئولتان عن ادارة التسویق بصفة عامة، لکن المسئول عن وضع أسعار المنتجات هی إدارة المرکز فقط ویتم ذلک تحت مظلة صندوق التنمیة الثقافیة، کما أن العائد المادى من هذه المنتجات سواء کانت بالمعارض المحلیة أو الدولیة فهو یعود إلی إدارة المرکز ووزارة الثقافة. وفیما یتعلق بأسعار المنتجات فمعظم العاملین بالمرکز أکدوا أنها مناسبة لجمیع الطبقات، ولکن البعض الأخر أکدوا أنها لا تناسب جمیع الطبقات وقد ظهر ذلک فی أقوالهم "بصراحة لا الأسعار غالیة لأن المواد الخام غلیت کتیر عن الأول " والجمیع أکد على اختلاف أسعار بیع المنتجات بالمعارض الدولیة عن أسعارها داخل مصر .

وأوضح المدربین أن وزارة الثقافة أعلنت مؤخرا عن العدید من الانشطة الثقافیة التى تستهدف قطاع الشباب منها  مبادرة "اکسب حرفة جمیلة" من خلال مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط، وتهدف المبادرة إلى الحفاظ على التراث من خلال تدریب الشباب على الحرف التراثیة مثل الطرق على النحاس والخیامیة وغیرها من الحرف التقلیدیة، مشیرا إلى أنها مبادرة مجانیة تعنى بتدریب الشباب من الجنسین من سن 18 سنة وحتى 40 فی مجال من مجالات الحرف الیدویة التراثیة، حیث یتم التدریب على أیدى متخصصین وخبراء، وسوف تنطلق بدایة من شهر أکتوبر المقبل، وتستمر مدة برنامج التدریب لمدة 100 ساعة، خلال أربعة أشهر، ویشرف علیها الفنان والناقد التشکیلى عز الدین نجیب.

والمرکز یعمل فی الوقت الحالی علی تجهیز خطة کامل بکل المناطق التی تعمل بالقطاع علی مستوی الجمهوریة بهدف توفیر دعم التدریبات ورفع کفاءة المنتجات لتنافس عالمیا لها بالتعاون مع المجلس التصدیری للحرف الیدویة وجهاز تنمیة المشاریع الصغیرة والمتوسطة ومرکز تحدیث الصناعة.

ثانیا : الخصائص الفیزیقیة لورش التدریب الحرفى داخل مرکز الفسطاط

کشفت عملیة المقابلة مع المتدربین والمدربین معا أن هناک تباینا فى وجهات النظر حول المساحة المطلوبة للورش التدریبیة داخل المرکز، وعما اذا کانت تلک المساحات القائمة قد تفى بالغرض منها أم انها ما زالت تحتاج الى تطویر وبناء أماکن ملحقة بها لاتمام عملیات التدریب المیدانى، وفى هذا الصدد أجمع معظم أفراد العینة أن مساحة الورشة مناسبة جدا لطبیعة عملهم، ویتوافر بها وسائل الاضاءة والتهویة، کما أنها تلبى احتیاجات الانتاج، وفى هذا یقول أحد المتدربین "الورشة کبیرة علینا اصلا لاننا بنحتاج کل واحد دکة صغیرة وکرسى للتلوین على الزجاج"، بینما أبدى البعض الاخر من أفراد العینة استیاءهم من مساحة الورشة المخصصة للتدریب خاصة فى تلک الحرف التى تستلزم معدات والآت کبیرة أو متعددة وفقا للمراحل اللازمة لعملیات الانتاج، وفى ذلک یقول أحدهم "الورشة صغیرة جدا انا بحتاج مکان کبیر علشان المعدات کبیرة  ومش ببقى عارف اقف او اتنقل من مکان للتانى"، کما ذکر أحد المدربین بورشة الخیامیة "الورشة صغیرة جدا ساعات بابقى عایز افرش حتة قماش کبیرة على الارض علشان اشتغل علیها مبعرفش) . وفیما عدا ذلک اتضح رضا أغلب العاملین عن ورش التدریب من حیث المساحة ووسائل الاضاءة والتجهیزات بداخلها، بل أن البعض ابدى استمتاعه بالتواجد داخل المرکز وداخل ورش التدریب نظرا لاتسام المکان بأکمله بالملامح التراثیة التى لا تشتت اذهانهم اثناء القیام بالتدریب، فقد ذکر أحد افراد العینة "الورشة بالنسبة لی جمیلة ومساحتها مظبوطة بس ده علشان التدریب هنا بسیط، شغل الحلى مش محتاج مکان لکن معرفش الباقیین عادی ولا لا" ،، وجدیر بالذکر أنه قد انحصرت تلک الاعتراضات على المساحة فقط، ولکن الاضاءة والتهویة والتجهیزات فقد اجمع افراد العینة على توافرها واتاحتها للجمیع.

کما تتنوع الماده الخام وادوات الانتاج داخل المرکز بتنوع الورش التدریبیة والمنتجات الحرفیة، فالمرکز بصفة عامة یعج بالکثیر من الادوات الصغیرة والکبیرة التقلیدیة منها والمعقدة، ودلت الدراسة المیدانیة على توافر المواد الخام اللازمة لطبیعة کل حرفة على حدة، وعدم وجود أیة شکاوى فیما یتعلق بندرتها، فنجد فی ورش الارابیسک "الخشب" على جانبى الورشة، وقد تعددت المواد الخام ما بین القطن والخشب والقماش والنحاس والزجاج والصدف، وفی حرفة الفخار یتم استخدام " الطین الاحمر الاسوانى والجلیز" ، ولکن المواد الاکثر استخداما هى الخشب والصدف، وهذا ما اکدته الغالبیة العظمى من المدربین ، ویذکر أحدهم "احنا اکتر حاجة بنستخدمها هنا هى الخشب"، وفى ورش الخیامیة بعض قطع القماش، وفی ورش تطعیم الصدف یتواجد الصدف بکثرة، وغیرها من الحرف الاخرة، وکشفت المقابلة أن معظم المواد الخام محلیة الصنع والقلیل منها المستورد مثل الصدف حیث یتم استیراده من استرالیا، وفى ذلک یقول أحد المدربین  "عندنا صدف مصری لکن فی استرالیا بنجیب صدف أجود والوان احلى"، وایضا نجد الزجاج الملون المستخدم فی ورش الزجاج المعشق والمستورد من امریکا، ولکن الان یتم استیراده من الصین لرخص ثمنه، وفى هذا یذکر أحد المدربین "کنا بنستورد الزجاج من امریکا لکن بسبب سعر الدولار العالی بقینا نستورده من الصین لکن طبعا الامریکی انضف واحلى "، وقد أجمع معظم حالات الدراسة أن من صعوبات التدریب على الحرف الیدویة هى ارتفاع اسعار المواد الخام المستخدمة فى التدریب وندرتها حیث یتم هلک جزء کبیر منها فى تدریب الحرفیین على الصنعة، والتى فى کثیر من الاحیان قد تنکسر أثناء التدریب أو تتعرض للتلف بحیث لا یمکن اعادة استخدامها مرة أخرى. وقد تم التاکید علی عدم الاعتماد علی التکنولوجیا والتقنیات الحدیثة فى عملیات التدریب، فداخل ورشة الزجاج المعشق یتم استخدام " الزوانة " و" المسطرة " و" الشاکوش"، وبداخل ورشة الصدف والحفر علی الخشب یتم استخدام ادوات حادة لتقطیع الخشب والة صغیرة ورفیعة تسمى شوکة لالتقاط قطع الصدف، أما بورشة الفخار فیتم تصنیعه بداخل " خلاط معین ".

وفیما یتعلق بنماذج التصمیم المستخدمة فى عملیة التدریب فقد أجمع معظم المدربین أنها من خیال الحرفی فی الأغلب، وقلیل منها ما یعتمد على صور، فعلى سبیل المثال ذکر الحالة "م" قائلا "الحرفی الصح اللی یبقى شغله من خیاله واحنا بندرب الجداد على استخدام الخیال وانهم میقلدوش أى نماذج قصادهم". کما کشفت الدراسة أن معظم المدربین لا یحبذون استخدام نماذج أو تصمیمات حدیثة أثناء التدریب حیث یغلب على تصمیاتمهم الجانب الاسلامی والفرعونی، وأن کل الافکار متعلقة بالتراث المصرى القدیم وأنها من وحى الطبیعة وکل المصادر الموجودة تدل على التراث، ویرجع تفضیل المدربون للنمط الفرعونى القدیم والاسلامى نظرا لتأثرهم بالتراث المصری الفرعونى القدیم والاسلامى، بالاضافة لموقع المرکز بمنطقة الفسطاط بمصر القدیمة حیث انتشار الادیرة والمتاحف والکنائس ومسجد عمرو بن العاص، فکل ذلک ساعدهم علی ان یتأثروا فى تصمیماتهم بالنمط الاسلامى والفرعونى حفاظا علی الهویة المصریة، واحیاءا للثقافة المادیة، ولکى یقوموا بإعداد جیل جدید من الحرفیین تتمتع تصمیماتهم بقدر کبیر من التمیز والاصالة والندرة مقارنة بالتصمیمات والمنتجات الحدیثة المعتمدة علی التکنولوجیا والتقنیات الحدیثة .

ثالثا: الخصائص الاجتماعیة للمدربین والمتدربین بمرکز الفسطاط

فیما یتعلق بالفئة العمریة کشفت الدراسة أن أغلب المدربین أو العاملین بالمرکز داخل المرکز یقعون فی الفئة العمریة من(52:31)، أما عن المتدربین فهم من فئة الشباب(40:21)، وفیما یتعلق بالحالة الاجتماعیة للعاملین داخل المرکز، فقد توصلت الدراسة الی أن أغلبهم متزوجین ویتراوح دخلهم ما بین الف الى الفان جنیه شهریا وفقا لمدى تفرغهم وعدد ساعات عملهم، أما بالنسبة للمستوى التعلیمی للمدربین، فالبعض من خریجی الجامعات، وبعضهم یقع فى فئة التعلیم المتوسط، وهذا مؤشر یقودنا الى أن المستوى التعلیمى العالى لایعد شرطا للالتحاق للعمل بالحرف التقلیدیة بالمرکز أو الالتحاق بالدورات التدریبیة، فالشرط الاساسی هو امتلاک المهارة الیدویة والقدرة والاستعداد للعمل الیدوى والاستمرار به. وقد قال أحد افراد العینة وهو الحالة "ص"(فی حرفنا دی مش مهم تعلیم على قد ما مهم المهارة والخبرة  ولو عندک المهارة هتبقى أسطى کبیر”. وقد کشفت المقابلة أن أغلب العاملین بالمرکز من مناطق مختلفة ولیسوا من نفس منطقة المرکز، وهم متزوجون ویعولون اسرهم، ولذلک هم غیر راضون عن الأجر الخاص بالمرکز والذی یتراوح بین ١٠٠٠ إلی ٢٠٠٠ جنیه، وقد قال احد افراد حالات الدراسة وهو الحالة "م" " القبض مابیکفیش حاجه واحنا شغالین هنا بس علشان الاجر ثابت"، واکد کلامه الحالة 5 قائلا " الفلوس بتاعت الحکومة دی ما بتعیش علشان کده اغلبنا عندنا ورشنا الخاصه بینا احنا بنشتغل فیها فترة بعد الضهر" .

أما بالنسبة للعلاقات السائدة بین الزملاء داخل المرکز فقد شهدت عملیة المقابلة، أن العلاقات بین العمال علاقات ودیة قائمة على الحب والاحترام والتقدیر والصداقة بین بعضهم البعض، واتضح ایضا أن العمال داخل المرکز یشعرون بالاحترام والفخر والاعتزاز بالحرف التى یمارسوها، وکذلک علاقة المدربین بالادارة العلیا بالمرکز تتسم بالود المتبادل، وتحرص ادارة المرکز على اقامة اجتماعات دوریة تتم داخل بین المدربین والادارة العلیا للتشاور فى بعض البنود الخاصة بالبرامج، ومع ذلک فقد ابدى بعض المدربین استیاءهم من تلک الاجتماعات التى قد تبدو صوریة فى کثیر من الاحیان، ولا یتم اتخاذ اراء العاملین فى هذة الاجتماعات خاصة فیما یتعلق بتطویر المرکز، وقد اکد ذلک الغالبیة العظمى من افراد العینة. وهذا یدل على تهمیش اراء العاملین داخل المرکز، ویذکر احدهم قوله" طالبنا کتیر یزودوا عدد ساعات التدریب ویجیبوا ناس اکتر بس هماعمرهم ماخدوا رأینا فى حاجة ابدا".

 

رابعا: برامج التدریب وانواعها داخل الورش الحرفیة بمرکز الفسطاط

دلت الدراسة المیدانیة ان البرامج التدریبیة للشباب والمتقدمین للالتحاق بمنحة الامیر تشارلز هی عبارة عن دورة تدریبیة رسمیة بین وزارة الثقافة وجامعة تشارلز ببریطانیا، مدتها سنتان تجمع بین کلا من الدراسة النظریة والعملیة، کما تستخدم التکنولوجیا فی بعض الاحیان کاستخدامها فى عرض فیدیوهات لکیفیة أداء مهارة معینة یحصل المتدرب بعدها على شهادة بعد الانتهاء منها، وهذه الشهادة غیر معترف بها فی مصر لکن معترف بها فی الخارج نظرا لأن المنحة بأکملها ممولة من جامعة "تشارلز" ببریطانیا، ولعل تلک احدى المشاکل الکبیرة التى تواجه المتدربین فور اجتیازهم للبرنامج بأکمله بنجاح، وتضم تلک المنحة بعض مجالات الدراسة منها مهارات الرسم، المنظور الحر، الرسم الحر والدراسات اللونیة،  تدریس حرفه الجبس والزجاج المعشق، الحلی الیدوی، الخزف، حرفة أعمال الخشب القشرة، أعمال المعادن وتفریغ النحاس وتقنیاتها المختلفة. ومدة التدریب تبدأ من شهر سبتمبر وتنتهی فی شهر مایو، وبعد الانتهاء یتم اعطاء شهاده من جامعه تشارلز فقط . اما عن مواعید الدراسة بالبرنامج فهى تبدأ من الثالثة عصرا وتنتهى السابعة مساء داخل مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط. کما تم التأکید من قبل الاخباریین علی أن فلسفة المرکز تقوم علی اعاده الصیاغة لمهن التراث للتعلم بشکل سلیم وأن المرکز یضم ثلاثة عشر حرفة ، ویعتمد علی صقل موهبة جیل الوسط من الحرفیین والصغار منهم.

وقد اجمع معظم المتدربین أن عدم اعترف الدولة المصریة بتلک الشهادة أحد المعوقات الرئیسیة فى اقامة أى مشروع صغیر بعد الانتهاء من الدورة، حیث یلجأ الشباب عادة الى أخذ بعض القروض لافتتاح تلک المشروعات، وغالبا ما یستلزم القرض لاتمامه شهادة رسمیة فى مجال الصنعة أو المهاردة ذاتها، ولذلک تصیر تلک الشهادات عدیمة القیمة بالنسبة لهم اذ لا یتم ختمها رسمیا بشعار الجمهوریة ، وذکر فى ذلک أحد الشباب " انا باخد الدورة  دى عشان اتوظف فى مصر مش فى بریطانیا لیه مصر متعترفش بالشهادة عشان اقدر اقدم فى شغل اتدربت علیه فعلا" .

أما عن شروط الالتحاق بالدورة التدریبیة  فمن اهمها أن یجتاز المتقدم للتدریب اختبار قدرات للتعرف على مدى امتلاکه لمهارات معینة فى نفس مجال الحرفة التى تقدم للتدریب علیها، وفى ذلک یقول مدیر المرکز : " اهم حاجه المتدرب یکون عنده المهاره والاستعداد والالتزام"، بالإضافة الی أن الدورة التدریبیة مجانیة ولا یستلزم لها اشتراک مادى مسبق ومن ثم فهم یضعون شرط امتلاک الحرفة ، ویقول فى ذلک أحد المتدربین" انا مش بصرف اى حاجه من جیبی ف التدریب ده حتى القلم الرصاص المرکز موفره لینا ". والمرکز یستقبل الذکور والاناث على السواء، فالتسجیل متروک للشباب من الجنسین من سن الثامنة عشر وحتى الاربعین. ویتقدم الشخص بنفسه للاشتراک حیث تُملأ الاستمارة فی مرکز الحرف بالفسطاط أو یتم تحمیلها اونلاین من الموقع الرسمى للمرکز وتسلم بالید فى مرکز الفسطاط.

ایضا یقوم المرکز بتجهیز عدة غرف داخل المرکز لتدریب الشباب الجدد نظریا وهى أشبه بالفصول الدراسیة وتعتبر الخطوة الاولى التمهیدیة  بهدف توفیر التدریب النظرى اللازم للمتدربین العاملین بمختلف فنون الانتاج. وفیما یتعلق بتمویل المرکز، فقد أجمع العاملین بالمرکز علی أن الحکومة المصریة ممثلة فى وزارة الثقافة هی المسئولة عن تمویل المرکز والدورات التدریبیة، ویتم ذلک من خلال إرسال قائمة بالمواد الخام والاحتیاجات الخاصة بالمرکز إلی صندوق التنمیة الثقافیة التابع لوزارة الثقافة، وعند سؤال مدیر المرکز نفسه ذکر " احنا مش بناخد فلوس من الحکومة احنا بنبعت نقولهم عاوزین ایة وهما بیبعتوا الی بنحتاجه".  

وینقسم البرنامج التدریبى الى دراسة نظریة ومیدانیة ، وتتکون الدراسة النظریة من بعض المحاضرات العامة عن الحرفة وتصمیماتها، وعرض نماذج وصور توضیحیة لخطوات تنفیذ العمل، وأحیانا الاستعانة بأجهزة الداتا شو لعرض أفلام تعلیمیة عن کل حرفة على حدة، ویرى بعض المتدربین أن ذلک البرنامج یلبى احتیاجات السوق، فهی برامج شاملة نظریة وعملیة تمکن المتدربین من اکتساب المهارة اللازمة، وجاءت تلک الاقوال من کل المتدربین الذین لدیهم النیة والعزیمة لانشاء مشروعات صغیرة بعد اتمام البرنامج بنجاح، بینما ابدى البعض اعتراضه عل امکانیة قیام مشروع صغیر وفقا لتلک الدورة، ویرى هذا الرأی انه لا یمکن لدورة تدریبیة لمدة عامین ان تکسب المتدرب المهارة التی تعلمها غیره فی سنوات عدیدة، ویمثل اصحاب هذا الرأی العمال بالمرکز فقد فقال احدهم :" التدریب ده أی کلام وخلاص ازای تعلم واحد ینحت عالنحاس فی سنتین ده عشان تتعلم تمسک القلم ده ونبدأ تجرب محتاج سنه انا لیا فی  الحرفة دیه  20 سنة وفی الأخر دبلومة تساونى بواحد لیه فیها سنتین " .

وفیما یتعلق بالمدربین بالمرکز، فقد کشفت عملیة الملاحظة أنه احیانا ما یتم الاستعانه بخبراء اجانب فی عملیه التدریب من جنسیات مختلفه مثل (الصین ، السعودیة ، المغرب، مالیزیا ، باکستان ، انجلترا ) بهدف التبادل الثقافی والفنی، وعلی الرغم من اجماع معظم المدربین أن المدربین المصریین ابدوا تفوقا واضحا عن الاجانب فى توصیل المعلومة أو اثناء العمل المیدانى، الا أنهم على الجانب الاخر شهدوا لهم بالتفوق التکنولوجى واستخدام ألیات حدیثة للتسویق مقارنة بالمدربین المصریین. وأثناء التدریب المیدانى یقوم المرکز أیضا بتنظیم رحلات تدریبیة خارج المرکز وخلالها تتم زیاره الاماکن الاثریة الخاصة بالعماره الاسلامیة، وایضا استضافة بعض کبار الفنانین أثناء المحاضرات النظریة. وفی هذا الصدد استطرد مدیر المرکز والعاملین به فى شرح  دور المرکز التنویرى بالاضافة لکونه حاضنا للمهن الفریده حیث یقدم دورات تدریبیة بشکل مستمر، ویستضیف کبار الفنانین والحرفیین المصریین والاجانب لتقدیم فنونهم ومهاراتهم للشباب "، کما أید المتدربین أهمیة ذلک النوع من التواصل الثقافى والحضارى بقوله "فی خبراء اجانب بیجولنا هنا وبنستفید منهم"، کما ذکر أحد المتدربین :"المرکز بیعملنا رحلات تدریبیة بنروح جوامع ومعابد ومتاحف والبرامج بتاعت التدریب هنا نظرى وعملی مع بعض"، ویذکر أحدهم فى هذا الصدد "احنا مابندفعش فلوس خالص هما بیعلمونا کل حاجة ببلاش حتى الرحلات التدریبیة بتکون مجانیة "، ویذکر آخر "بیودونا اماکن اثریة جمیلة علشان نشوف الحاجة على طبیعتها ". ویتضح من تلک الاقوال أن المرکز له دور هام فى نشر الثقافة التراثیة لدى المتدربین، وقد تأکدت الدراسة من تلک الاقوال احصائیا وذلک من خلال الاطلاع على جدول الرحلات التدریبیة التى تتم خارج المرکز، وهذا یؤکد أن برامج التدریب الموجودة  قد جمعت بین طیاتها أهدافا نظریة وتطبیقیة، وقد أید ذلک کل رؤساء الاقسام داخل المرکز حیث أشادوا بالدور الذى تلعبه المؤسسات المعنیة بالثقافة والمرکز ضمن توجه الدولة بأکمله للنهوض بقطاع المشروعات الصغیرة والمتوسطة ومتناهیة الصغر، مما یساهم فى توفیر فرص عمل وزیادة الصادرات، ویذکر فى ذلک أحد المسؤلین بالمرکز أن الصناعات الیدویة تسهم بشکل عام  فی محاربة البطالة لانها قد تستخدم الکثیر من الایدی العاملة الاقل تعلما أو المتعلمین من الشباب الذین قد لا یجدون فرصا متاحة داخل القطاع الحکومى والخاص.

ولکى یقوم المرکز باستقطاب مئات الشباب فى برامج التدریب لتدریب أجیال جدیدة على شتى الحرف، تم افتتاح معرضًا دائمًا لتسویق منتجاتهم فی نفس المبنى، وانتقلت بهذه المنتجات إلى عدید من المواقع داخل مصر وخارجها ، وشجعت أعضاءها من المدربین والمتدربین على التفاعل مع الحرفیین التقلیدیین من أجل ابتکار تصمیمات فنیة متطورة.

خامسا: العلاقة بین المهارات الحرفیة والنزوع نحو انشاء مشروعات حرفیة صغیرة

ینص الفرض الصفرى المناظر للفرض الأول على: لا توجد علاقة دالة إحصائیاً بین الالتحاق بالدورات التدریبیة والرغبة فى انشاء مشروع خاص. وللتحقق من صحة هذا الفرض تم حساب معامل الارتباط بین نتائج عینة البحث فى کلا من السؤالین الرابع والثامن (أ) باستخدام معادلة بیرسون، والجدول التالى یوضح ذلک: 


جدول (4)

دلالة معامل الارتباط بین الالتحاق بالدورات التدریبیة والرغبة فى انشاء مشروع خاص

أطراف العلاقة

درجات الحریة

قیمة (ر) المحسوبة

قیمة (ر) الجدولیة

مستوى الدلالة 0.01

الدورات التدریبیة والمشروعات الخاصة

98

0.534

0.254

دال

ویتضح من الجدول السابق ما یلى:

   توجد علاقة دالة إحصائیاً (ایجابیة شبه تامة) بین نتائج عینة البحث فیما یتعلق بالالتحاق بالدورات التدریبیة والرغبة فى انشاء مشروع خاص عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة (ر) المحسوبة 0.534 وهى أکبر من قیمة " ر" الجدولیة وهذا یدل على وجود علاقة دالة إحصائیا ( ایجابیة متوسطة) أى أن کلما زادت الرغبة لدى الفرد فى انشاء مشروع خاص کلما زادت لدیه الرغبة للالتحاق بالدورات التدریبیة، ومن ثم رفض الفرض الصفرى وقبول الفرض الأول، والشکل التالى یوضح هذه العلاقة:

 

 

 

 

 

 

 

وقد أیدت الدراسة الانثروبولوجیة تلک النتائج الاحصائیة حیث دلت عملیة المقابلة أیضا على اجماع المتدربین انهم التحقوا بدورات المرکز رغبة منهم فى استغلال ما یمتلکون من مهارات وصقلها تمهیدا لانشاء مشروع خاص بهم، کما أشاد الکثیرون منهم بدور المرکز فی التأهیل الوظیفی للشباب وفتح فرص عمل لهم، وعلى الرغم من حصول کثیر من المتدربین على شهادات متوسطة وعلیا الا أنهم اجمعوا على عدم التزامهم بشهادتهم التعلیمیة التى حصلوا علیها أو العمل فى نفس مجال التخصص العلمى، فمن الطبیعى فى ظل الظروف الاقتصادیة الحالیة أن یحدث تغیر فی المسار الوظیفی خاصة اذا ما امتلکوا مهارات فنیة تتیح لهم اقتناص فرص أخرى بعیدة عن مجالات تخصصهم العلمیة، وجاءت نتیجة تلک المقابلة لتؤکد صحة فرضیة الدراسة أن ثمة علاقة ایجابیة بین اقبال المتدربین على برامج التدریب الحرفی ورغبتهم فی انشاء مشروعات صغیرة خاصة بهم، وقد تختلف طبیعة تلک المشاریع الصغیرة وفقا لمهارات المتدرب ورؤیته لمستقبله فى العمل الخاص کما سیأتى تفصیلیا .

وکشفت عملیة المقابلة عن تعدد الاهداف لکل فرد على حدة للالتحاق بالبرنامج منها تنمیة مواهبهم واشباعها فقد قالت الحاله "ع"  (انا بحب الرسم جدا وحبیت انی انمی ده اکتر بس برضو مایمنعش لو قدرت افتح ورشه لیا اعملها طبعا) ،وقد قال فرد اخر (الحرف الیدویة دی اهم حاجه فیها الموهبه ولازم اتدرب علیها کویس و احاول اکسب منها فلوس کمان عشان اضمن استثمارتها"، ویذکر أخر " أنا خریج دبلوم صناعی قسم زخرفة ولما خلصت تعلیم ملقتش شغل وواحد قریبی شغال هنا هو الی عرفنی أن المرکز هنا بیعلم الناس وبیدی دورات تدریبیة أخدت کورس زخرفة وعملت ورشة لوحدی وبقی مشروع خاص بیا وفی مجال دراستی ".

کما تعددت واختلفت اراء الافراد فى هذا الصدد، فمنهم من أرجع سبب الالتحاق الى الرغبة فى انشاء مشروع یدوى خاص به، وفى ذلک یقول احدهم : " انا عندى موهبة الخط العربی وهدفی اطورها واخد خبرات الاقدم منى ویکون لیا شهره کبیره فی المجال ده ".وقال اخر: " انا هدفی من انى جیت هنا اتقن حرفة الحلی لانى یادوب اتمرنت علیها شویة وانا صغیر وعایز افتح ورشة صغیرة على قدى ". کما أکد معظم الملتحقین بالتدریب بالمرکز أن سبب الالتحاق بالدورة التدریبیة هو انشاء مشاریع خاصة بهم الی جانب العوامل النفسیة التى تتمثل فى حب العمل الیدوى ذاته.

کما أبدى البعض الاخر من الشباب استعداده لاکتساب مهارات تکنولوجیة جدیدة جدیدة بجانب المهارات الیدویة والفنیة، ویذکر احد الشباب فى هذا الصدد "عشان مشروعى یبقى ناجح یبقى لازم اتعلم تصمیم تکنولوجى شغل الاید لوحده دلوقتى مینجحش المشروع". وعلی الجانب الاخر فقد فضل بعضهم انشاء مشروع خاص به یدمج بین التکنولوجیا والاعمال الیدویة وذلک لتزوید ارباحههم ومسایرة العصر الحدیث المعتمد علی التقنیات والتکنولوجیة الحدیثة.

أما عن أسباب عمل المدربین بالمرکز فقد ذکر بعضهم أن الدافع الاساسى یتمثل فى الحصول على أجر حکومی ثابت على الرغم من قلة هذا الاجر الذی قد لا یتناسب مع عدد ساعات عملهم داخل المرکز، ومن ثم یتجه الکثیر منهم الى العمل الاضافى بجانب عمل المرکز سواء کان فی ورش خاصة بهم او فی منازلهم أوتسویق بعض المنتجات بالورش والبازارات، وقال المدرب "م" (شغلنا مرهق و لازم نقدر اکثر ویکون اجرنا کویس واحنا بسبب القبض القلیل ده فتحنا مشاریع خاصه بینا)، ویتضح من هذا السیاق أن الرغبة فى انشاء مشروعات صغیرة لم تقتصر فقط على المتدربین، وانما امتدت أیضا الى قطاع المدربین.

ویتضح مما سبق أن من أهم أسباب إنشاء المشروعات الصغیره الاحتیاج لزیاده الربح الى جانب ممارسه الموهبة، حیث لا یتناقض الدافع المادى مع الدافع الفنى أو الثقافى، وفى ذلک یقول أحد المتدربین "انا بتدرب عشان افتح مشروع لیا وازود ربحی مع فلوس الشغل بتاع الحکومة" .

ولمعرفة مدى تحقیق احد أهداف الدراسة(التعرف على أنواع المشروعات الصغیرة التى یرغب المتدربین بإنشائها) تم حساب قیمة (کا2) للکشف عن دلالة الفروق بین استجابات عینة البحث للسؤال الثامن (أ) والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (6)

نتائج اختبار (کا2) لتکرارات استجابات عینة البحث للتحقق من الهدف الأول

الهدف الأول

عدد

الاستجابات

درجة الحریة

قیمة (کا2)

المحسوبة

قیمة (کا2)

الجدولیة

مستوى

الدلالة 0.01

التعرف على أنواع المشروعات

3

2

23.13

9.210

دال

 

 

ویتضح من الجدول السابق ما یلى:

   یوجد فرق دال إحصائیاً بین تکرارات استجابات عینة البحث فیما یتعلق بتحقیق الهدف الأول عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة " کا2" المحسوبة 23.13 وهى أکبر من قیمة " کا2" الجدولیة وهذا یدل على تحقیق الهدف الأول وهو التعرف على أنواع المشروعات الصغیرة التى یرغب المتدربین بإنشائها، والشکل التالى یوضح النسب المئویة لأنواع المشروعات الصغیرة:

 

 

 ویوضح الجدول السابق تأیید نسبة 66% من عینة الدراسة رغبة المتدربین فى انشاء مشروع خاص بالحرف الیدویة فقط یلى ذلک 26% من العینة قد فضلوا الدمج فى المشروع بین الحرف الیدویة ومثیلاتها التى تنتج من خلال الاستعانة بأدوات تکنولوجیة نظرا لتذبذب السوق الحرفى، قد أیدت عملیة المقابلة تلک النتائج الاحصائیة فى أن السبب الرئیسى للالتحاق بالمرکز هو تنمیة المواهب الفنیة والیدویة، وقد أکد على ذلک الغالبیة العظمى من افراد العینة، ویذکر أحدهم  "انا عندى موهبة الرسم فجیت هنا المرکز علشان انمیها"، أیضا کشفت الدراسة ان لبرامج التدریب دورا هاما وفعالا فى زیادة الوعى بأهمیة الحفاظ على التراث، وقد تجلى ذلک من خلال أقوال المتدربین أنفسهم ان الدراسات النظریة التمهیدیة فتحت لهم مجالات اوسع للمعرفة بجمیع الحرف الموجودة داخل المرکز، وأیضا معرفة التراث المصرى القدیم واشباع بعض المواهب الکامنة وتنمیة مهاراتهم ویتم ذلک کله من خلال مدة الدورة التدریبیة، حیث یخصص العام الاول لدراسة جمیع أنشطة الحرف الموجودة بالمرکز بهدف امداد الشباب بمعلومات وافرة عن جمیع الحرف التراثیة، وقد ذکر البعض انهم قاموا بالاستفادة من بعض الفنون الاخرى فى الحرفة التى تخصصوا بها، کما قام البعض بتغییر نشاط الحرفة جزئیا أو کلیا وفقا لما قام بدراسته، حیث یسمح لهم فى السنة الاولى بتغییر التخصص الحرفى بعد فترة وجیزة من الالتحاق بالتدریب. وجدیر بالذکر أن هذا المنحى التدریبى یتوافق مع ما تحدث عنه بوردیو عن اعادة الانتاج الثقافی من قبل المؤسسات المعنیة بالثقافة بإعتبارها نسقا متکاملا قد تقوم بالتنشئة والتعلیم الى جانب المؤسسات التعلیمیة الاخرى، وبناء علیه یعد مرکز الفسطاط أحد المؤسسات الثقافیة الهامة التى تعمل على تنمیة ابداعات الشباب المتدربین وصقلهم بالمهارة فی التصمیمات ونماذج الحرف التقلیدیة والتراثیة، وأیضا اعادة تدویر وانتاج الموروث الثقافی والحرف التراثیة داخل المرکز واکتشاف مواهب الافراد ومساعدتهم على انتقاء الحرفة المناسبة لهم وفقا لقدراتهم ومهاراتهم النظریة والیدویة.

وعلی الجانب الاخر فقد صرح عددا من افراد العینة بأن هدفهم من الالتحاق بالمرکز والدورات التدریبیة یتمثل فی زیاده دخلهم وتعلمهم أصول حرفة جدیدة، مما یصل بهم الحال لتمکینهم من انشاء وتأسیس مشروع صغیر خاص بعیدا عن العمل الحکومی الرتیب، بالاضافة الى اجره المتدنى الذى لا قیمة له فی ظل الاوضاع المعیشیة الصعبة التى یعیشها أفراد المجتمع المصرى فى الفترة الاخیرة، وهناک شواهد میدانیة تؤکد صحة ذلک، فیقول احدهم  " انا جیت المرکز عشان اخد خبرة اکتر فی مجال حرفتى وافتح محل للمشغولات الیدویة فی خان الخلیلی ویکون لیا شهرتى هناک"، کما یذکر أحد المتدربین بحرفة الحلی " المرکز کان بیعمل مدارس تدریبیة بتخرج کل أربع شهوردفعة، وکان هدفها انها تعلم الشباب الفقرا اللی ساکنین فی العشوائیات اللى مش لاقیین شغل، بس حصل العکس وکان الشباب اللی بتیجى تتعلم وتتدرب شباب جامعى ودلوقتى مبقتش موجوده بسبب سوء الاداره وتدخل اصحاب المصالح ".


سادسا : العلاقة بین المهارات التسویقیة والقدرة على انشاء المشروعات الحرفیة الصغیرة

ینص الفرض الصفرى المناظر للفرض الثانى على: لا توجد علاقة دالة إحصائیاً بین قدرة المتدرب على  تسویق منتجاته والنزوع نحو انشاء مشروع حرفى خاص.وللتحقق من صحة هذا الفرض تم حساب معامل الارتباط بین نتائج عینة البحث فى السؤال السابع والثامن (أ) باستخدام معادلة بیرسون، والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (5)

دلالة معامل الارتباط بین تسویق منتجات المتدربین وتشجیعهم على انشاء مشروع خاص

أطراف العلاقة

درجات الحریة

قیمة (ر) المحسوبة

قیمة (ر) الجدولیة

مستوى الدلالة 0.01

تسویق المنتجات والمشروعات الخاصة

98

0.724

0.254

دال

ویتضح من الجدول السابق ما یلى: 

   توجد علاقة دالة إحصائیاً ( علاقة ایجابیة) بین نتائج عینة البحث فیما یتعلق بتسویق منتجات المتدربین وتشجیعهم على انشاء مشروع خاص عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة (ر) المحسوبة 0.724 وهى أکبر من قیمة " ر" الجدولیة وهذا یدل على وجود علاقة دالة إحصائیا أى أن کلما تمکن الفرد من تسویق المنتجات کلما زادت لدیه الرغبة فى انشاء مشروع خاص، ومن ثم رفض الفرض الصفرى وقبول الفرض الثانى، والشکل التالى یوضح هذه العلاقة:

 

 

وقد دلت الدراسة الکیفیة أن هناک الکثیر من المعوقات التى تواجه المتدربین فى تسویق منتجاتهم الحرفیة داخل المرکز نفسه منها عدم اتباع الأسالیب الحدیثة فی الإدارة حیث یسود فی إدارة المرکز نمط المدیر ذو السلطات المتعددة الذی یجمع عادة بین وظائف الإدارة والتمویل والتسویق وغیرها بالإضافة إلى عدم وجود التخصص الوظیفی بالمعنى المعروف داخل المرکز فی مجال ترتیب الوظائف والمحاسبة والاقتصاد وغیرها من الامور الخاصة بالتدریب. أیضا اشارت الدراسة الکیفیة الى وجود معوقات تسویقیة أخرى لدى المتدربین خارج اطار المرکز منها عدم وجود منافذ تسویقیة منتظمة لتعریف المستهلک المحلی والخارجی بمنتجات وخدمات المشروعات الحرفیة الصغیرة، فضلا عن ضیق نطاق السوق المحلی، وعدم اتباع الأسلوب العلمی الحدیث فی مجال التسویق ونقص الکفاءات التسویقیة وعدم الاهتمام بإجراء البحوث التسویقیة خاصة فی مجال دراسة الأسواق وأسالیب النقل والتوزیع والتعبئة والتغلیف وأذواق المستهلکین.... الخ. الأمر الذى دفع بمجموعة من المتدربین الى الالتحاق بالمرکز لزیادة الوعى المهارى بالعملیة التسویقیة واعتبارها صارت شرطا ضروریا لقیام أى مشروع حرفى ناجح، وقد تجلى ذلک بوضوح أیضا فى النسب الاحصائیة مدى ارتفاع ذلک الارتباط الشرطى بین الوعى التسویقى ونجاح المشروعات الحرفیة الصغیرة.

سابعا :المعوقات التى تواجه المتدربین بمرکز الفسطاط على انشاء مشروعات حرفیة صغیرة

   ولمعرفة أهم المعوقات التى تواجه المتدربین تم حساب قیمة (کا2) للکشف عن دلالة الفروق بین استجابات عینة البحث للسؤال الثامن (جـ) والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (8)

نتائج اختبار (کا2) لتکرارات استجابات عینة البحث للتحقق من الهدف الثالث

الهدف الثالث

عدد

الاستجابات

درجة الحریة

قیمة (کا2)

المحسوبة

قیمة (کا2)

الجدولیة

مستوى

الدلالة 0.01

التعرف على أهم المعوقات

6

5

27.39

15.086

دال

 

ویتضح من الجدول السابق ما یلى:

   یوجد فرق دال إحصائیاً بین تکرارات استجابات عینة البحث فیما یتعلق بتحقیق الهدف الثالث عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة " کا2" المحسوبة 27.39 وهى أکبر من قیمة " کا2" الجدولیة وهذا یدل على تحقیق الهدف الثالث وهو التعرف على أهم المعوقات التى تواجه المتدربین، والشکل التالى یوضح النسب المئویة لأهم المعوقات التى تواجه المتدربینوهى على التوالى صعوبة توفر رأس المال 34% حیث یستلزم اقامة المشروع اموالا طائلة فى بدایته، یلیها قلة الخبرة 19% فى ادارة المشروع ذاته، یلى ذلک بعض المعوقات الاخرى من ضمنها الضعف المهارى، وعدم القدرة على ادارة الموقف وتجاوز المشکلات، عدم توافر التجهیزات من الات ومواد خام فى السوق الحرفى المصرى بشکل کاف أو مستمر.

وبالرغم من ذلک فقد أوضحت الدراسة من خلال دلیل المقابلة أن المشکلة الاساسیة فی بدایة المشروع هی التمویل وتوفیر رأس المال اللازم لتأسیس المشروع من بدایته، حیث صار یتطلب وجود مکان سواء من خلال تأجیره او امتلاکه داخل أحد الاحیاء التراثیة نفقات باهظة فضلا عن أخذ التصریحات الرسمیة لاقامة المشروع ، بالإضافة لعدة مشکلات فرعیة منها قلة الخبرة بالعملیة الاداریة والتعامل أیضا مع الجهاز الادارى الحکومى داخل وزارة الثقافة، وقلة الخبرة بالسوق ومتطلباته والتى صارت متذبذبة ومتأثرة بالسیاحة وبعض أحداث العنف التى قد یشهدها المجتمع من فترة لاخرى، وأیضا صعوبة الحصول على التراخیص اللازمة لمزاولة العمل، وعدم توفر خدمات البنیة التحتیة اللازمة للمشروع فى بعض المناطق التى تتسم بانخفاض سعر متر النشاط التجارى بها. وأکدت عملیة المقابلة مع بعض المتدربین الذین خاضوا محاولات متعددة ومتناثرة للحصول على تمویل او قروض من البنوک ضعف الدور الذی تلعبه البنوک بصفة عامة فی تمویل المشروعات الصغیرة لا سیما الحرفیة منها، إذ یعتمد تمویلها لهذه المشروعات على التمویل قصیر المدى والذی یمثل عائق امام المشروعات الصغیرة وخاصة فی مرحلة بدایة المشروع مما یترتب علیه عجز المقترض (صاحب المشروع ) من سداد قیمة القرض، ویؤدی فی النهایة الی فشل المشروع فى الاستمراریة والوفاء بمتطلبات القرض ومتطلبات السوق معا ، بالإضافة الی کثرة الضمانات وارتفاع الفوائد على القروض وکثرة وتعقد اجراءات الحصول علیه.

   ولمعرفة مصادر تمویل المشروعات الصغیرة التى یرغب المتدربین بإنشائها احصائیا تم حساب قیمة (کا2) للکشف عن دلالة الفروق بین استجابات عینة البحث للسؤال الثامن (ب) والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (7)

نتائج اختبار (کا2) لتکرارات استجابات عینة البحث للتحقق من الهدف الثانى

هدف الدراسة

عدد

الاستجابات

درجة الحریة

قیمة (کا2)

المحسوبة

قیمة (کا2)

الجدولیة

مستوى

الدلالة 0.01

التعرف على مصادر تمویل المشروعات

2

1

10.98

6.635

دال

 

ویتضح من الجدول السابق أنه یوجد فرق دال إحصائیاً بین تکرارات استجابات عینة البحث فیما یتعلق بتحقیق الهدف الثانى عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة " کا2" المحسوبة 10.98 وهى أکبر من قیمة " کا2" الجدولیة وهذا یدل على تحقیق الهدف الثانى وهو التعرف على مصادر تمویل المشروعات الصغیرة التى یرغب المتدربین بإنشائها، والشکل التالى یوضح النسب المئویة لمصادر تمویل المشروعات الصغیرة:

 

کما کشفت عملیة المقابة أن کثیرا من المتدربین قد یفضل التمویل الذاتى فى انشاء المشروع الصغیر بالاضافة للملکیة الفردیة ورفض الشراکة مع أخرون، وهذا یرجع الى أن الأغلبیة منهم أخذوا تلک الحرفة من خلال عملیة التوریث الحرفى ویرغبون فى الاستمرار بمفردهم دون شریک کما تعودوا أو الفوا ذلک من ابائهم منذ الصغر، ومما ساعد على ذلک وجود قدرا من المدخرات الاسریة التى قد تعینهم فى ذلک او وجود المکان ذاته اللازم لاقامة المشروع، وقد جاءت اجابات معظم المتدربین وردود أفعالهم متسقة مع بعض الدراسات السابقة التى اشارت إلى أن الثقافة العامة للمجتمع غیر محفزة للعمل الجماعی، ففکرة العمل الجماعى لا یفضلها معظم الافراد علی الرغم من أن مجال العمل بالحرف التراثیة والتقلیدیة یستدعى وجود فریق منظم لادارة عملیتى الانتاج والتسویق حیث یعد التخصص وتقسیم العمل من متطلبات نجاحه، فضلا عن وجود مهارات حرفیة بجانب مهارات تسویقیة کمهارات التفاوض والتنافس وملاحقة التسارع التکنولوجى الحادث بالمجتمع وغیرها من المتطلبات التى تستدعى  تبادل الخبرات والمهارات.

ومع ذلک اختلفت الاراء فی هذه النقطة، فمنهم من فضل أن یکون المشروع شراکه حتی یکون المشروع اکثر نجاحا ، ومنهم من فضل الملکیة الفردیة وهی کانت النسبه الاکبر وتبریرهم فی ذلک ان عائد الربح کله سوف یعود له ، ویذکراحد المتدربین فى هذا الصدد " حد یشارکنی لیه فی المکسب اللی هیجینی".اما بالنسبة لمصادر التمویل؛ فالجمیع فضلوا التمویل الذاتی وذلک تخطیا لعیوب الاقتراض حیث کثره الضمانات، وارتفاع فائده القرض وقصر فتره السداد .حیث قال احد المتدربین " انا اعمل جمعیه احسن من القرض ".

وهنا أوضحت الدراسة المیدانیة تضاربا وازدواجیة فى ردود المتدربین حول ثقافة العمل الجماعى، فعلى الرغم من اعترافهم أن السوق الحرفى المعاصر اصبح یتطلب مهارات متعددة انتاجیة وتسویقیة وتکنولوجیة عکس ما کان سائدا فى الماضى مما یستلزم معه فریق متعدد المهارات والمواهب لادارة المشروع والعمل على تکامله فى کافة الجوانب، الا ان لدیهم قدر کبیر من الحیطة والحذر والترقب والخشیة من الدخول فى شراکات جماعیة قد یتبعها مشکلات عدیدة فى حال انقضاء الشراکة لآى سبب أو خلاف عارض، ومن ثم أید البعض بعض المقولات الشعبیة السائدة من قبیل " البلد اللى لیها ریسین تغرق" وغیرها من بعض المقولات والمآثورات الشعبیة التى لا تحبذ تعدد الافراد داخل السلطة الواحدة، وهنا تساؤل احدهم ایضا عن حقوق الادارة واتخاذ القرار والتحکم فى العمال وتقسیم العمل وخلافه اذا ما قام بعض الافراد بعقد الشراکة، کما تواتر البعض بعض الحکایات والقصص عن مشروعات فاشلة بسبب تعدد الافراد داخل المشروع الواحد واتخاذها ذریعة لعدم الدخول فى تجارب مماثلة، أیضا رصدت الدراسة الکیفیة محاولة الصاق بعض السمات السلبیة للشعب المصرى بأکمله تجاه ثقافة العمل الجماعى وأن الشخصیة المصریة بطبعها وثقافتها لا تحبذ العمل الجماعى، ومن هنا یتضح ان کثیرا من الشباب المتدربین قد یکون لدیهم نزوعا نحو العمل الجماعى ولکن افتقاد مهارات أو ألیات نجاح العمل الجماعى ذاته قد تعرقلهم عن اتخاذ تلک الخطوة، وجاءت تلک النتائج متسقة مع ما نادت به التفاعلیة الرمزیة من مفهوم المهارات الاجتماعیة اللازمة لقیام تفاعلات اجتماعیة سلیمة بین مجموعة الفاعلین، ویقودنا هذا أیضا الى الدور الذى تلعبه مؤسسات التنشئة الاجتماعیة کما أبرزتها النظریة الوظیفیة فى تحفیز ثقافة العمل الجماعى والتدریب علیها منذ الصغر حتى یتسنى للشباب القیام بمشروعات تکاملیة وتنافسیة فى ظل التغیرات الحدیثة فى سوق العمل.

وفیما یلى النسب المئویة لعیوب الاقتراض من وجهة نظر العینة:

 

توصلت الدراسة الی أن النسبة الاکبر من المتدربین یفضلوا التمویل الذاتی عن الاقتراض من البنوک أو الاشخاص وذلک بسبب عیوب الاقتراض سواء کانت الضمانات أو الفوائد. فقد استخلصت الدراسة أن الغالبیة العظمى من الافراد لدیهم مشروع صغیر خاص بهم، وهذا المشروع خاص بالأعمال الیدویة، ویعتمد بشکل أساسى على الملکیة الفردیة والتمویل الذاتى نظرا لارتفاع فائدة القرض، وهنا أبدى الکثیر من المتدربین امتعاضه من عدم وعى المجتمع بمؤسساته بأهمیة احیاء الحرف التراثیة والقضاء على البطالة من خلال دعم القروض للمستثمرین الصغار ، ولعل تلک المشکلة تتسق مع مقولات بوردیو عن الدور الذى یلعبه رأس المال الاجتماعى فى اعادة الانتاج الثقافى، فالوعى المجتمعى بما یصاحبه من تنشئة مهنیة وعلمیة سلیمة هى العامل والمیاکنیزم الاساسى فى عملیة تدویر الثقافة واعادة احیاءها من جدید.

ولعل تلک النتائج جاءت متوافقة مع بعض الدراسات السابقة التى اشارت الى أن العلاقة بین البنوک والمشروعات الصغیرة والمتوسطة فیها الکثیر من الإشکالات فیما یتعلق بالضمانات، فترات السداد، الإجراءات البیروقراطیة‏، ، حیث أوضح أحدث تقاریر البنک الدولی عن مناخ الاستثمار فی مصر صعوبة الحصول والنفاذ إلى التمویل وارتفاع تکلفته أمام المشروعات الصغیرة، حیث یتم تمویل 56% من المشروعات القائمة بالتمویل الذاتی بینما تمثل مساهمة البنوک فی تمویلها أقل من 40% منها 13% للبنوک العامة و26% للبنوک الخاصة. وتشیر خریطة النفاذ إلی قنوات التمویل إلى أنه کلما کبر حجم المشروع، زادت قدرته علی النفاذ للتمویل وتدل الأرقام أن 78% من المشروعات الصغیرة لم تتقدم مطلقا للحصول علی قروض بنکیة، وأن نسبة 92% من المشروعات الصغیرة التی تقدمت للحصول على تمویل بنکی تم رفضها( صلاح حمودة:2017)

ثامنا : أهم المشکلات التى تواجه مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط

   لمعرفة مدى تحقیق الهدف الرابع (التعرف على أهم المشکلات التى تواجه مرکز الحرف التدریبیة بالفسطاط) تم حساب قیمة (کا2) للکشف عن دلالة الفروق بین استجابات عینة البحث للسؤال التاسع (أ) والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (9)

نتائج اختبار (کا2) لتکرارات استجابات عینة البحث للتحقق من الهدف الرابع

الهدف الرابع

عدد

الاستجابات

درجة الحریة

قیمة (کا2)

المحسوبة

قیمة (کا2)

الجدولیة

مستوى

الدلالة 0.01

التعرف على أهم المشکلات التى تواجه المرکز

5

4

19.87

13.277

دال

ویتضح من الجدول السابق ما یلى:

   یوجد فرق دال إحصائیاً بین تکرارات استجابات عینة البحث فیما یتعلق بتحقیق الهدف الرابع عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة " کا2" المحسوبة 19.87 وهى أکبر من قیمة " کا2" الجدولیة وهذا یدل على تحقیق الهدف الرابع وهو التعرف على أهم المشکلات التى تواجه مرکز، والشکل التالى یوضح النسب المئویة لهذه المشکلات:

 

دلت الدراسة المیدانیة أن ثمة مشکلات متعددة تواجه مرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط منها نقص العمالة المتدربة، وقلة الاقبال على التدریب، وقد وبدا ذلک واضحا من خلال عملیة المقابلة حیث أکد أحد العاملین " مبقاش فی حد عاوز یجی یتعلم الحرفة. وقد أیدت تلک الاقوال عملیة الملاحظة ذاتها، فمنذ الوهلة الاولى عند دخول المکان یتضح کبر حجم المکان قیاسا لعدد الافراد المتواجدین داخله، وفى بعض الاحیان قد یبدو للعین مکانا مهجورا خالى من البشر على الرغم من المساحات الشاسعة والاروقة داخله.وبمناقشة مدیرى المرکز أتضح بالفعل أن کثیرا من الشباب قد یأتون لملء نموذج الالتحاق ولکن بمجرد اتمام عملیة المقابلة معهم یتضح افتقادهم للثقافة الحرفیة ذاتها والاعتقاد بأن القدرة على مسک بعض الالات کالمطرقة وغیرها یمکنهم من اکتساب المهارة الحرفیة سریعا، ولعل تلک النتائج تتفق مع الکثیر من الدراسات السابقة التى اشارت الى أهمیة تواجد أنماط السلوک المکتسب والقیم الحرفیة والرموز التعبیریة المستخدمة التى تشکل ما یسمى بالثقافة الحرفیة حیث ان تواجدها تشریطة للتکامل مع المهارة الیدویة وهذا التکامل هو ما یخلق حالات الابداع المتفرد فى المشغولات الفنیة ( خالد سویدان:2010). هذا الى جانب بعض المشکلات الاخرى التى اظهرتها الدراسة والتى تتعلق بقلة التمویل مع تناقص دعم المؤسسات الثقافیة ومساندة المرکز مالیا للمدربین، وقد اتضح ذلک من خلال بعض المناقشات الفردیة والجماعیة مع المدربین حول المرتب، وما اذا کان کافیا للاستمرار بالتدریب أم لا، وهنا تواترت الاقوال على النحو التالى :" المرتب قلیل أوی میکفنیش أنا وعیالی "، " أنا بشتغل شغل تانی جنب الحرفة عشان أقدر أکفی مصاریفی"، "الدولة مش مهتمة بینا والمرتب علی القد"،" الی صبرنی علی الشغل فی المرکز انی حابب صنعتی بس بالمرتبات دی محدش هیجی یشتغل فی المرکز تانی " وغیرها من الاقوال التى تدل علی معاناة معظم العاملین بالمرکز، کما تساءل فى هذا الصدد الکثیر من العمال أنه الرغم من أن منتجات المرکز تباع بأسعار عالیة من خلال المعارض الدوریة إلا ان الدولة والمؤسسات الثقافیة لا تعمل علی دعم العمال ورفع مستواهم المعیشی، أو تشجیعهم بالحوافز والمکافأت عند نجاح تلک المعارض.

 وأخیرا تأتى مشکلة ابتعاد المرکز مکانیا عن محل الإقامة لدى المدربین، فمن خلال الدراسة المیدانیة تبین أن معظم العاملین بالمرکز یسکنون فی أماکن بعیدة عن المرکز مع عدم توفیر المرکز لهم وسائل نقل لبعض خطوط المواصلات المجمعة ، فضلا عن ندرة اللوحات الارشادیة للمرکز داخل منطقة الفسطاط مما قد یجعلها مجهولة للسائحین والمترددین على المنطقة بهدف التنزه وشراء بعض القطع التراثیة، وقد تم التاکید علی ذلک من خلال عملیة المقابلة مع احد العاملین، حیث قال : " المرکز مش معروف لناس کتیر اوى فی مصر"، وقال اخر: " المرکز ده لو موجود فی منطقه معروفة فی شارع المعز او خان الخلیلی کان هیتنقل نقله تانیة".  

وقد تم الکشف ایضا عن عدد من المشکلات الاخرى منها عدم وجود دعایة کافیة للاعلان عن منتجات المرکز، وعدم فاعلیة دور المؤسسات الثقافیة فی دعمه، بالاضافة لعدم استغلال جمیع الاراضی المحیطة بالمرکز فی التوسع فی عدد الورش أو المتاحف وأماکن العرض. وقد ذکر أحد العاملین فی هذا الصدد" احنا مبقاش لینا قیمة ومفیش اهتمام من الدولة خالص بموضوع الحرف وحتى مفیش لینا اعلانات علی النت او التلیفزیون".

تاسعا : تقییم المتدربین لمدى فاعلیة المرکز فى تنمیة الحرف التقلیدیة

   لمعرفة مدى تحقیق هذا الهدف (تقییم المتدربین لمدى فاعلیة المرکز فى تنمیة الحرف التقلیدیة) تم حساب قیمة (کا2) للکشف عن دلالة الفروق بین استجابات عینة البحث للسؤال العاشر والجدول التالى یوضح ذلک:

جدول (11)

نتائج اختبار (کا2) لتکرارات استجابات عینة البحث للتحقق من الهدف السادس

الهدف السادس

عدد

الاستجابات

درجة الحریة

قیمة (کا2)

المحسوبة

قیمة (کا2)

الجدولیة

مستوى

الدلالة 0.01

تقییم أداء المرکز

4

3

24.83

11.345

دال

 

 

ویتضح من الجدول السابق ما یلى:

   یوجد فرق دال إحصائیاً بین تکرارات استجابات عینة البحث فیما یتعلق بتحقیق الهدف السادس عند مستوى 0.01 حیث بلغت قیمة " کا2" المحسوبة 24.83 وهى أکبر من قیمة " کا2" الجدولیة وهذا یدل على وفیما یلى النسب المئویة لتقییم المتدربین لمدى فاعلیة المرکز فى تنمیة الحرف التقلیدیة، والشکل التالى یوضح النسب المئویة لآراء المتدربین:

فقد اتفق معظم افراد العینة فی تقیمهم للدورة التدریبیه بأنها جیدة جدا 68% من حیث الاهداف العامة المرجوة منها ، فمن خلال التحاقهم بالمرکز والدورات التدریبیة تم تمکینهم من تعلم اصول الحرف التراثیة، وتنمیة ابداعاتهم ومهاراتهم الحرفیة والذهنیة مما یؤهلهم مستقبلا بأن یصبحوا کبار الحرفیین فى تلک المجالات، ویتجهون لابراز ذلک الابداع فی التصمیمات والانتاج الیدوى.

وقد افادت عملیة الملاحظة بالمتحف الموجود داخل المرکز بأن هناک منتجات لهؤلاء المتدربین علی درجه عالیة من الجمال والابداع  یتم عرضها داخل المرکز، وتدل بالفعل علی تمکنهم من اصول العمل الیدوى واکتسابهم للمهارات والخبرات الابداعیة فی ذلک المجال، وذکر أحد المتدربین فی ذلک: " الدورة التدریبیة علمتنى مهارات وخبرات مکنتش هتعلمها فی مکان تانى بفلوس کتیر"، هذا بالاضافة الى تکوین علاقات ودیة وطیبة واحیانا تسویقیة مع المدربین وبعض الافراد المتصلین بالمرکز من کبار الحرفیین، وفى ذلک یقول أحد المتدربین "البرامج الموجودة کویسة جدا وفادتنى کتیر واتمکنت اکتر فى المهارة اللى عندى وکمان کفایة انها خلتنى اعرف حاجات عنى ماکنتش اعرفها وخلتنى اتعرف على ناس جدیدة "، وفیما عدا ذلک أجمع المتدربین من سلبیة وحیدة للتدریب قد تعیق طموحهم فى اقامة مشروعات صغیرة، وهى أن الشهادة یجب أن تکون معترف بها فى مصر، ویجب بعد الانتهاء من الدورة التدریبیة ان یقوم المرکز بتوفیر مکان للمتدربین لاستغلال طاقاتهم والعمل فى مجال الحرفة داخل المرکز اذا ما اثبت المتدرب نجاحه باقتدار.

-ومن خلال دراسة الحالة مع العاملین داخل المرکز اتضح شعورهم بالرضا العام تجاه المرکز والشعور بالاحترام والتقدیر داخل المرکز علی الرغم من وجود نواحى قصور من قبل الاداره الا ان السائد هو الجانب الایجابی والعلاقات الانسانیة الجیدة، وذکر أحد العمال فى هذا الصدد  " احنا کلنا هنا اخوات وبنحب بعض ومالیش عداوة مع حد"، کما ذکر آخر" حتى المدیر بیتعامل معانا اکنه واحد زینا".

کما افاد بعض المسئولین عن تنظیم البرامج التدریبیة بالمرکز وتسویق منتجاتها أن المشکلة الرئیسیة التى تواجه المرکز حالیا عدم توافر الحرفیین بشکل کافى الذین لدیهم الرغبة فی تعلیم الشباب، فضلا عن عدم توافر المواد الخام الاولیة بشکل مستمر، وأن المرکز یحاول جاهدا بإمکانیاته المحدودة تأمین مساحات لعرض المنتجات، فما أن ینتهی معرض حتى یتم تنظیم آخر بمختلف المحافظات ، فتمکین الحرفی من الاحتکاک بالمواطنین بمنحه الفرصة لتسویق المنتج والتعریف به، وکذا إعادة بناء الثقة فی المنتج المحلی.

مناقشة نتائج الدراسة فى ضوء الاطار النظرى والدراسات السابقة :

اذا کان الهدف المحورى للدراسة یتمثل فى کیفیة اعادة الانتاج الثقافى وفقا لما طرحه بوردیو ، فإن النتائج جاءت لتؤید هذا المفهوم وذلک من خلال التوصل لمجموعة من المشکلات او المعوقات التى قد تعد حائلا للوصول الى اعادة الانتاج الثقافى للحرف الیدویة، واذا کان بوردیو أکد ان المجال العام أو الهابیتوس لابد وان ینطوى على مجموعة من الالیات العامة التى تساعد على اعادة الانتاج الثقافى، فإن الدراسة الحالیة توصلت الى معوقات فیزیقیة وبشریة قد تجعل هذا العام مقیدا نحو تحقیق آماله وطموحاته، ومن ثم اعتمدت الدراسة على دراسة المقومات الفیزیقیة فی البیئة الحاضنة لتلک البرامج ومواردها الطبیعیة، وامکانیاتها البشریة القادرة علی تفهم الاسالیب الانتاجیة المتطورة.

ووفقا لمقولات بوردیو عرضت الدراسة أیضا المیول والتصورات التى تجرى داخل المرکز تجاه تلک البرامج والتى یتم بواساطتها الحفاظ علی استمراریة التجربة الثقافیة، حیث تعتقد الدراسة الحالیة ان اعادة الانتاج الثقافى لاتعمل من خلال مایدرس فی مساقات التعلیم الرسمى فحسب، بل تتم اعاده الإنتاج الثقافی بصورة أکبر عمقا من خلال البرامج الأخرى التى تتبناها مؤسسات الدولة

ومن خلال تحالیل الهابیتوس لدى "بوردیو" اتجهت الدراسة الى استخلاص کل النتائج من أفعال إعادة الإنتاج الثقافی، وانتهت أن برنامج المنحة قد یتم بشکل مشابه عند وظائف الشکل المدرسی لعملیات إعادة الإنتاج دون محاولة تطویر أدوات أخرى لمسایرة التطور الحادث فى مجال السوق الحرفى ، ولهذا السبب وجدت الدراسة تعطیلا لمفهوم الهابیتس عن القیام بأدواره المنوطة فى استکمال وظیفة اعادة الانتاج الثقافى فى الحیاة الواقعیة والاکتفاء ببعض المحاضرات النظریة والعملیة للمتدربین دون متابعة هؤلاء المتدربین أو حتى الاستفادة بما تدربوا علیه فى مشروعات خاصة بوزارة الثقافة ذاتها، ولعل انعدام الصلة بین الهابیتوس ةالمتدربین بعد اکتمال البرنامج یجعل مفهوم اعادة الانتاج الثقافى منقوصا وغیر مکتمل فى الحیاة الواقعیة .

کما جاءت نتائج الدراسة المیدانیة ایجابیة ومتوافقة مع مفهوم التفاعل الاجتماعى کما طرحه هربرت مید ولکن بشکل منقوص أیضا، حیث اقتصر التفاعل الاجتماعى على اقامة بعض العلاقات الودیة والطیبة بین المتدربین دون أن ینسحب ذلک لاشکال أخرى من التفاعلات فیما یتعلق بالعمل الجماعى ومفهوم فکرة الفریق، وهو ما تؤکد الدراسة الحالیة علیه بشدة حیث یعد فى حد ذاته أحد الاهداف المرجوة من اقامة البرنامج التدریبى .

 عاشرا : توصیات الدراسة

من خلال الدراسة المیدانیة لمرکز الحرف التقلیدیة بالفسطاط والتعرف على بعض المعوقات لها کما ظهرت من خلال دراسة الحالة لکلا من المتدربین والمدربین معا فقد أمکن الوقوف على بعض المقترحات التى یمکن ادماجها داخل المحاضرات النظریة والمیدانیة على السواء لتحقیق معدلات عالیة من التکیف مع السوق الحرفى بعد انتهاء الدورة التدریبیة وهى على النحو التالى: -

1-تطویر محاضرات ودورات تکمیلیة مسانده تعمل علی التسویق بصفه عامة والتسویق الالکترونى وخاصة فیما یتعلق بالمنتجات التراثیة .

2-ضرورة الاهتمام والترکیز علی تقنیات التشکیل الیدوى التراثیة وتطویرها وتبسیطها

 3-الاهتمام بالمشروعات الصغیرة ومتناهیة الصغرفى مجال الحرف التراثیة ودعمها کجزء تنموى وتطبیقى للدورة التدریبیة ، مما یساهم فی رفع القدرة التنافسیه للمنتج التراثی المصرى .

4-ان یصاحب دورات الحرف التقلیدیة ورش وندوات للحکى الشعبی الحدیث عن الحرفة وتاریخها .

5-اهتمام وزاره الثقافه بالمدربین والصناع وتزوید الرواتب لهم .

6-توسیع الورش فی المبانى الاخرى الملحقة بالمرکز واستغلال المساحات الشاسعة والفارغة بها حتى یستطیع الحرفیون العمل بها .

7-الاعتراف بشهادة الدورة التدریبیة التى یحصل علیها المتدرب فور تخرجه من الدورة التدریبیة.

8- أن یهتم المرکز بالدعایة الإعلامیة عن المرکز وحول أنواع الحرف التراثیة بالمرکز والفرص التی یقدمه للشباب فی توفیر فرص عمل لهم

9- أن یقدم المرکز خبراء فی الحرف التراثیة فی البرامج التلیفزیونیة لتوعیة الشباب بأهمیة التراث الثقافی وکیفیة المحافظة علیه لأنه یمثل الموروث الثقافی للمجتمع .

10- نشر ثقافة الشراکة وعمل الفریق بین المتدربین بالمرکز حتی یتمکنوا من الاشتراک فی مشروعات صغیرة وبالتالی مکافحة البطالة بین الشباب.

 


المراجع باللغة العربیة

1-احمد زاید وآحرون ، الاستهلاک فى المجتمع القطرى ، ، انماطه وثقافته ، الدوحة ، مرکز الوثائق والدراسات الانسانیة، جامعة قطر ، 1991

2-اعتماد علام، الحرف والصناعات التقلیدیة بین الثبات والتغیر، مکتبة الانجلو المصریة، الطبعة الاولى، 1991، ص 20.

3-ثورشتاین فیلبن : نظریة الطبقة المترفة ، ترجمة محمود محمد مرسى ، الدار المصریة للتألیف والترجمة ، القاهرة

4-حبیب بیدة: اشکالیة التقلید فی الصناعات التقلیدیة، مداخلة فی ملتقی الابداع الوظیفی فی تونس القرن العشرین، بیت الحکمة 28 مایو، تونس 2006، ص 6

5-دانه الحدیدى، "التصدیر للحرف الیدویة": منح المساندة التصدیریة لشرکات القطاع اعتبارا من یولیو 2016، 05 مارس 2017، الرابط:

http://www.youm7.com/story/2017/3/5/%D

6-صفوت کمال،جمالیات الحرف الیدویة، مجلة الفنون الشعبیة، العدد 68-69، 2006، ص

163

7-صلاح حمودة، المشروعات الصغیرة واثرها على التنمیة، 2017، رابط

https://vb.almstba.com/t207543.html

8-عبد السلام عبد الحلیم عامر، طوائف الحرف فى مصر1905-1914،مرکز وثائق وتاریخ مصر، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 1993،ص9-19

9-عز الدین نجیب، الحرف التقلیدیة ، الواقع ، الازمة ، النهضة ، مجلة الفنون الشعبیة،العدد 89، یونیو 2011 ، ص33

10-عز الدین نجیب ، تراث الحرف الیدویة إبداع یحقق الهویة المصریة، وزارة التعلیم العالى، قطاع الشئون الثقافیة والبعثات، عن مجلة بریزم "نافذة الثقافة المصریة"، العدد السادس عشر، 2008م.

11-کریمة بلعید، خالد سویدان، مقومات الملکیة القکریة فى مجال الصناعات التقلیدیة،أبحاث ودراسات سیاحیة، جریدة المساء، 10/6/2010، ص 2

12-مایک فیزرستون ، ثقافة الاستهلاک وما بعد الحداثة ، ترجمة فریال حسن خلیفة ، مکتبة مدبولى ، 2010.

13-محمد الجوهرى، الفولکلور التطبیقى، مجلة الفنون الشعبیة، العدد 91، ابریل –یونیو 2012

موسوعة الحرف التقلیدیة بالقاهرة التاریخیة، الجزء الاول، جمعیة أصالة لرعایة الفنون التراثیة والمعاصرة بالتعاون مع مؤسسة أغاخان للخدمات الثقافیة، 2004 ، ص 10

المراجع باللغة الاجنبیة:

1-Aremu, Mukaila Ayanda, Adeyemi, 2011, Sidikat Laraba Small and Medium Scale Enterprises as A Survival Strategy for Employment Generation in Nigeria , urnal of Sustainable Developmen, 4, No. 1.

 

2-Chuthamas Chittithaworn,(2011), Factors Affecting Business Success of Small & Medium Enterprises (SMEs) in Thailand, Asian Social Science, Vol. 7, No. 5.

 

3-DiMaggio, P. 1988. "Interest and agency in institutional theory." In L. Zucker (ed.) Institutional Patterns and Organization, p. 3-21. Cambridge, Ma.: Ballinger Press.

 

4-Giddens, A. 1984. The Constitution of Society. Berkeley, Ca.: University of California Press.

5-Gladwin, T. N., Kennelly, J. J. and Krause, T. S. (1995). A Shifting paradigms for Sustainable Development:Implications for Management Theory and Research. Academy of Management Review.

6-Henry, C., F. Hill, and C. Leitch. 2005, “Entrepreneurship Education and Training: Can Entrepreneurship Be Taught?” Part 1. Education + Alexandria Valerio, Brent Parton, and Alicia Robb ,Training 47 (2).

7-Joas, H. 1996. The Creativity of Action. Chicago, Il.: University of Chicago Press.

8-Klaper, R. 2004, “Government Goals and Entrepreneurship Education—An Investigation at a Grande Ecole in France.” Education + Training 46 (3): 127–37.

9-Rossella Soldi, 2017,Simona Cavallini, Youth initiative: a framework for youth entrepreneurship, European Union.

World Bank. 2012a. “Doing Business Project.” http://www.doingbusiness.org.

11-Schoof, U. 2006, “Stimulating Youth Entrepreneurship: Barriers and Incentives to Enterprise Start-Ups by Young People.” SEED Working Paper 76, International Labor Organization.

10-Stuart L Hart, 1995,A Natural Resource based on View of the Firm, University of Michigan, Acabemy of Management Review, Vol.20,No. 4, pp986-1014

 

12-Timmons, J. A., and S. Spinelli. 2004, New Venture Creation: Entrepreneurship for the 21st Century. New York: McGraw-Hill.

Entrepreneurship Education and Training Programs around the World Dimensions for Success, 2014 International Bank for Reconstruction and Development / The World Bank

 

 

ملاحق الدراسة

شکل(1) شکل أروقة المرکز من الخارج

 

 

 

 

 

 

 

شکل (2) مقطع جزئى لشکل المرکز من الخارج

 

احمد زاید وآحرون ، الاستهلاک فى المجتمع القطرى ، ، انماطه وثقافته ، الدوحة ، مرکز الوثائق والدراسات الانسانیة، جامعة قطر ، 1991
2-اعتماد علام، الحرف والصناعات التقلیدیة بین الثبات والتغیر، مکتبة الانجلو المصریة، الطبعة الاولى، 1991، ص 20.
3-ثورشتاین فیلبن : نظریة الطبقة المترفة ، ترجمة محمود محمد مرسى ، الدار المصریة للتألیف والترجمة ، القاهرة
4-حبیب بیدة: اشکالیة التقلید فی الصناعات التقلیدیة، مداخلة فی ملتقی الابداع الوظیفی فی تونس القرن العشرین، بیت الحکمة 28 مایو، تونس 2006، ص 6
5-دانه الحدیدى، "التصدیر للحرف الیدویة": منح المساندة التصدیریة لشرکات القطاع اعتبارا من یولیو 2016، 05 مارس 2017، الرابط:
6-صفوت کمال،جمالیات الحرف الیدویة، مجلة الفنون الشعبیة، العدد 68-69، 2006، ص
163
7-صلاح حمودة، المشروعات الصغیرة واثرها على التنمیة، 2017، رابط
8-عبد السلام عبد الحلیم عامر، طوائف الحرف فى مصر1905-1914،مرکز وثائق وتاریخ مصر، الهیئة المصریة العامة للکتاب، القاهرة، 1993،ص9-19
9-عز الدین نجیب، الحرف التقلیدیة ، الواقع ، الازمة ، النهضة ، مجلة الفنون الشعبیة،العدد 89، یونیو 2011 ، ص33
10-عز الدین نجیب ، تراث الحرف الیدویة إبداع یحقق الهویة المصریة، وزارة التعلیم العالى، قطاع الشئون الثقافیة والبعثات، عن مجلة بریزم "نافذة الثقافة المصریة"، العدد السادس عشر، 2008م.
11-کریمة بلعید، خالد سویدان، مقومات الملکیة القکریة فى مجال الصناعات التقلیدیة،أبحاث ودراسات سیاحیة، جریدة المساء، 10/6/2010، ص 2
12-مایک فیزرستون ، ثقافة الاستهلاک وما بعد الحداثة ، ترجمة فریال حسن خلیفة ، مکتبة مدبولى ، 2010.
13-محمد الجوهرى، الفولکلور التطبیقى، مجلة الفنون الشعبیة، العدد 91، ابریل –یونیو 2012
موسوعة الحرف التقلیدیة بالقاهرة التاریخیة، الجزء الاول، جمعیة أصالة لرعایة الفنون التراثیة والمعاصرة بالتعاون مع مؤسسة أغاخان للخدمات الثقافیة، 2004 ، ص 10
المراجع باللغة الاجنبیة:
1-Aremu, Mukaila Ayanda, Adeyemi, 2011, Sidikat Laraba Small and Medium Scale Enterprises as A Survival Strategy for Employment Generation in Nigeria , urnal of Sustainable Developmen, 4, No. 1.
 
2-Chuthamas Chittithaworn,(2011), Factors Affecting Business Success of Small & Medium Enterprises (SMEs) in Thailand, Asian Social Science, Vol. 7, No. 5.
 
3-DiMaggio, P. 1988. "Interest and agency in institutional theory." In L. Zucker (ed.) Institutional Patterns and Organization, p. 3-21. Cambridge, Ma.: Ballinger Press.
 
4-Giddens, A. 1984. The Constitution of Society. Berkeley, Ca.: University of California Press.
5-Gladwin, T. N., Kennelly, J. J. and Krause, T. S. (1995). A Shifting paradigms for Sustainable Development:Implications for Management Theory and Research. Academy of Management Review.
6-Henry, C., F. Hill, and C. Leitch. 2005, “Entrepreneurship Education and Training: Can Entrepreneurship Be Taught?” Part 1. Education + Alexandria Valerio, Brent Parton, and Alicia Robb ,Training 47 (2).
7-Joas, H. 1996. The Creativity of Action. Chicago, Il.: University of Chicago Press.
8-Klaper, R. 2004, “Government Goals and Entrepreneurship Education—An Investigation at a Grande Ecole in France.” Education + Training 46 (3): 127–37.
9-Rossella Soldi, 2017,Simona Cavallini, Youth initiative: a framework for youth entrepreneurship, European Union.
World Bank. 2012a. “Doing Business Project.” http://www.doingbusiness.org.
11-Schoof, U. 2006, “Stimulating Youth Entrepreneurship: Barriers and Incentives to Enterprise Start-Ups by Young People.” SEED Working Paper 76, International Labor Organization.
10-Stuart L Hart, 1995,A Natural Resource based on View of the Firm, University of Michigan, Acabemy of Management Review, Vol.20,No. 4, pp986-1014
 
12-Timmons, J. A., and S. Spinelli. 2004, New Venture Creation: Entrepreneurship for the 21st Century. New York: McGraw-Hill.
Entrepreneurship Education and Training Programs around the World Dimensions for Success, 2014 International Bank for Reconstruction and Development / The World Bank