استلهام مسرح التعزية في "الحسين شهيدًا" لعبد الرحمن الشرقاوي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

من أهم محاور التواصل بين الحضارات أن تکون الأعمال الإبداعية أداة لهذا التواصل المعرفي، الذي يطرح رؤية فکرية تعتمد علي التلاقي والتواصل الحضاري،فثقافات العالم تأخذ بعض موادها من خلال طرح رؤية فکرية.
وفي دراستنا المقارنة بين نص مسرحي عربي لعبد الرحمن الشرقاوي"الحسين شهيدًا" وفي استلهامه لمسرح التعزية الإيراني نموذجًا واقعيًا حيث تتلاقي الأفکار بين المسرح العربي والمسرح الإيراني من خلال فکرة استشهاد "الحسين بن علي" وقد فرضت منهجًا مقارنًا وتشکل هذا المنهج في الشخصيات والصراع الدرامي والحوار والمونولوج.
وقد تتبعنا مبادئ المدرسة الفرنسية التي تقوم علي علاقتي التأثير والتأثر بين الأدبين العربي والفارسي.
وقدم البحث نظرة موجزة- وليست تفصيلية- حول معالجة مسرح التعزية في المسرح العربي "عبد الرحمن الشرقاوي" نموذجًا، مع الانتباه إلي أن هذه النظرة العابرة ليست منوط بها بتقديم تأريخ حرفي لمسرح التعزية،فکان المقصود رسم مقدمة يصح من خلالها الولوج إلي التطبيق علي النصوص المسرحية العربية التي قد استلهمت مسرح التعزية الإيراني.
وجدير بالذکر أن العناصر الدرامية التي استلهمها الشرقاوي من مسرح التعزية هي الصراع الدرامي والتشخيص وتعدد الأصوات والمونولوج والحوار.وإحساس الشرقاوي بشخصياته، والنفاذ إلي أعماقها.
وقد تميزت اللغة في "الحسين شهيدًا" بدرجة عالية من الرقي فالکاتب ينتقي من العبارات أسماها لدرجة تجعل الحوار يقترب من لغة الشعر الصوفي الکلاسيکي.
وقد امتلأت المسرحية بالصراعات الداخلية من خلال مضمون الأحداث، بمعني أن الکاتب جعل کثيرًا من الشخصيات في صراع نفسي مرير.وقد ساد الصراع الصاعد في "الحسين شهيدًا" بحيث تتأجج حدته بمرور الوقت.
ونجح الکاتب في رسم حوار واقعي عبر عن فکر الشخصيات ووجهة نظرها تجاه الأحداث.
وهناک قاسم مشترک بين مسرح التعزية ومسرح "عبد الرحمن الشرقاوي" - وعلي وجه التحديد- " الحسين شهيدًا" ويتمثل ذلک في الدعوة إلي الثورة والتحريض والتمرد.
إن المقصدية من هذا البحث هي بيان کيف التقي الأدب العربي بالأدب الإيراني وکأن مسرح التعزية و"الحسين شهيدًا" قد ولدا في وقت واحد، ليشکل کل منهما ما کان في المجتمع الإيراني والمصري من ظروف قاسية وطغيان لا حد له.فقد استخدم مسرح التعزية في إيران للدعاية إلي الثورة التي قامت في إيران عام 1979م وذلک لإسقاط الملکية وإقامة جمهورية إسلامية في إيران.ورأي علماء الدين وهم الذين أقاموا تلک الثورة أن الوسيلة المثلي لإيقاظ الوعي لدى الشعب الإيراني وتحريضه علي الثورة ضد الشاه أن يستغلوا الشعور الديني الذي تعمر به القلوب فيما يتعلق بالتعزية.وفي "الحسين شهيدًا" التي تقوم فکرتها علي التضحية والاستشهاد من أجل الفکرة ،أو الموت في سبيل شرف الکلمة وقد أراد بها الإفصاح عن الواقع السياسي التي کانت تعيش مصر فيه في الفترة التي أصدر الشرقاوي مسرحيته أي بعد نکسة 1967م.
وبناءً عليه فإن عملية العزاء الحسيني اتخذت أهدافًا سياسية ، أکثر منها عقيدة دينية ،سواء في المسرح الإيراني أو العربي .ولکن المسرح العربي والإيراني قد أفرز کل منهما مسرحًا  شعريًا مميزًا به المراثي الحزينة والتي تثير الشجون علي مقتل "الحسين" ويقول الناقد "جيبون":" في زمن ومناخ بعيدين کان الذوق التراجيدي لموت الحسين يوقظ عطف أقسي قارئ".

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية