المکتب العربي ودوره في رسم السياسة البريطانية في المنطقة العربية (1916-1921 )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

     عند اندلاع الحرب العالمية الاولي بين دول الوسط ودول الوفاق اسرعت بريطانيا لاتخاذ الإجراءات الدفاعية اللازمة لحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة العربية وحماية الطرق المؤدية الي إمبراطورتها في الهند، لکنها ومع بدء رحى الحرب منيت قواتها بهزيمة ساحقة امام القوات العثمانية في معرکة غاليبولي عام 1915م بأوروبا وحوصر جيشها في کوت العمارة في العراق، وکان لابد من البحث عن طرق اخري لتخفيف الضغط علي القوات البريطانية علي جبهات القتال المختلفة وفتح جبهة قتال جديدة تشغل القوات العثمانية وتشتت ترکيزها، وتمکن القوات البريطانية من تحقيق نصر حاسم عليها وهزيمتها.
       هنا رأي مجموعة من السياسيين البريطانيين، ان الحل ربما يکمن في استغلال الروح القومية العربية المتأججة ضد العثمانيين واشعال ثورة في المنطقة العربية ضد الدولة العثمانية وتوجيهها لتخدم المصالح البريطانية في المنطقة، لکن بريطانيا کان ينقصها الکثير من المعلومات عن شعوب وقبائل المنطقة العربية وتطلعاتهم، فجأت من هنا فکرة مارک سايکس الخبير البريطاني في شئون المنطقة العربية بإنشاء مکتب استخباراتي متخصص في الشئون العربية والإسلامية.
      وبناء على ذلک تم انشاء المکتب العربي في القاهرة في يناير عام 1916م، ليکون اول مکتب استخباراتي ينشأ خصيصا للمنطقة العربية وجعلت الحکومة البريطانية هدفه الأساسي هو رسم السياسة البريطانية في المنطقة العربية والاتصال بالعرب وجمع أکبر قدر ممکن من المعلومات الدقيقة عن أحوال المنطقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الجغرافية.
      وقد ضم المکتب العربي مجموعة منتقاه من علماء الاثار والرحالة البريطانيين والخبراء في الشؤون العربية، علي رأسهم هوجارث عالم الاثار البريطاني ورئيس الجمعية الجغرافية الملکية في لندن، وکذلک لورنس الشهير بلورنس العرب وجيرترود بيل عالمة الاثار والرحالة البريطانية التي حازت علي شهرة ومکانة کبيرة في العراق، ونجح المکتب واعضاؤه إلى حداً بعيداً في الاتصال بالعرب وتوجيه الثورة العربية في الجزيرة العربية ودعمها وضمان نجاحها، کما کان لفرع المکتب في العراق دور کبير في تهيئة الأوضاع داخل العراق للاحتلال العسکري البريطاني لها، کما لعب أعضاء المکتب العربي دورا بالغ الأهمية بعد انتهاء الحرب في رسم السياسة البريطانية إزاء العالم العربي، وإقناع تشرشل وزير المستعمرات في اعقاب الحرب بوضع الأمير عبد الله بن الحسين علي عرش امارة شرق الأردن ووضع الامير فيصل بن الحسين علي عرش العراق .
     ولم يقتصر دور هذا المکتب على الجزيرة العربية والعراق فقط بل أصدر أعضاؤه دراسات دقيقة ومستفيضة عن معظم البلدان العربية وطبع المکتب کتيبات عن اليمن والحجاز والجزيرة العربية وأصدر نشرات دورية عرفت بسم النشرات العربية جاءت في اکثر من الفي صفحة تضمنت ادق التفاصيل عن أوضاع المنطقة العربية اثناء الحرب العالمية الاولي وما بعدها، وتعد مصدراً دقيقاً وموثقاً يعتمد عليه الباحثون حتي الان لدراسة أوضاع المنطقة العربية في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ المنطقة.

الكلمات الرئيسية